الجمعة، 29 أغسطس 2014

القواعد الأساسية التي تحكم تحقُّقَ النبوءات

قبل أن نشرع في بحث بعض من نبوءات سيدنا الميرزا غلام أحمد التي يزعم خصومه أنها لم تتحقق.. قد تكون مناقشةُ القواعد الأساسية التي تحكم تحقُّقَ النبوءات الإلهية التي يُنعم بها الله على رسله.. ذاتَ صلة وثيقة بالموضوع. 

لا يجادل المرء مع خصوم الأحمدية عندما يقولون بأن "النبي لا يتنبأ من عند نفسه، بل يفعل ذلك بسلطان من الله تعالى وحده". كما يُعَدُّ من السذاجة أيضا ما يفترضه ويؤكده ذوو الذكاء المحدود من أن "كل نبوءة للنبي لا بد من تحققها حرفيًّا". يشير تاريخ الديانات المسجَّل إلى أن رجالا ممن يتبوأون أعلى المنازل والمقامات في الروحانية أيضًا قد لم يقدروا في بعض الأحيان على فهم رسالة سماوية كما ينبغي. وطبقًا لشهادة القرآن الكريم.. حدث بالفعل أن بعض رسل الله تعالى قد فهموا ما أُوحي إليهم فهمًا يخالف حقيقةَ ما ترمي إليه المشيئة الإلهية فيما أوحي إليهم. ألسنا نعرف رؤيا سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم التي تتعلق بأداء العمرة والحج مع صحابته.. تلك الحادثة المعروفة في تاريخ الإسلام باسم "صلح الحديبية"؟ ماذا حدث هناك؟ تقول الأحاديث إن النبي صلى الله عليه وسلم - بناء على رؤيا إلهية رآها - طلب من أصحابه أن يتجهزوا لزيارة بيت الله الحرام بمكة المكرمة وأداءِ شعائر العمرة هناك. ولكن مشركي مكة أبوا عليهم دخولَ البقعة المقدسة. وانتهى الأمر إلى توقيع معاهدة بين المسلمين والمشركين عند الحديبية، وبناء على شروطها قَبِلَ النبي صلى الله عليه وسلم بالعودة إلى المدينة بدون أداء شعائر العمرة التي فَهِمَ حضرته من الرؤيا أنها مقدَّرة لهم. (صحيح البخاري، كتاب المغازي).

ويشهد التراث الإسلامي أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم - مع احترامهم وتقديرهم الفائق لمقامه صلى الله عليه وسلم - كانوا يكرهون بشدةٍ الإحلالَ من إحرامهم بالعمرة والرجوعَ إلى المدينة دون تحقيق النبوءة كما فهموها. (المرجع السابق) وبعد سنوات ذكر سيدنا عمر رضي الله عنه هذه الحادثة وصرَّح بأنه "لم يخالجه شك منذ أن دخل في الإسلام إلا يوم الحديبية." (زاد المعاد في هدي خير العباد، المجلد الأول) يا تُرى.. بماذا يعلِّق أولئك المتعالمون المتعجرفون.. الذين يجادلون في تحقق نبوءات سيدنا أحمد.. لو أنهم كانوا حاضرين لدى توقيع صلح الحديبية والإيابِ إلى المدينة دون أداء شعائر العمرة التي أشارت إليها رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم؟ 

وهناك مثال آخر يبين كيف أن الرؤى الربانية لم يفهمها تمامًا في بعض الأحيان رجالٌ من ذوي المكانة العالية.. ذلك هو وعد الله تعالى لسيدنا نوح عليه السلام. يقص القرآن الكريم أن الله - جل وعلا - وعد رسولَه نوحًا بنجاة أهله جميعًا من كارثة الطوفان التي كانت وشيكة الحلول بقومه. وعندما شاهد سيدنا نوح ابنه على شفا الغرق.. نادى ربه بصحيات الحزن الشديد والحيرة الأليمة ( ربِّ إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق) (هود:46).. وكأنه يذكِّره بوعده السابق. ومع ذلك.. فإن الله تعالى - بدلا من أن ينجي الولد - أخبر الوالدَ المضطرب بأن ابنه ذاك من دمه ولحمه فعلا.. ولكنه - بسبب فسوقه - لا يدخل ضمن أسرة النبي في نظر الله تعالى. فكأن سيدنا نوحًا قد أخطأ فهمَ الوعد الإلهي الذي ما كان يتعلق بأهل النبي وذريته إلا من الناحية الروحية فحسب. 

وإنا لنسأل هؤلاء الذين يجزمون بلا دليل: ما قولهم لو كانوا حاضري المشهد، وينظرون من فوق الجبل ويرون الموجة العاتية تكتسح ابن نوح إلى مصيره الأخير؟ هذه الحقائق التاريخية الثابتة في كتب الوحي الإلهي.. ألا توحي للمرء بضرورة أن يتعرف جيدا بالوسائل المتنوعة التي يحقق بها الحقُّ سبحانه وتعالى كلماتِه.. ذلك قبل أن يغامر المرء فيناقش هذه المسألةَ الدقيقة المتعلقة بتحقق النبوءات والمشيئة الإلهية؟ إن القاعدة الذهبية المهيمنة في تعامل الله جل وعلا مع الإنسان ذَكَرَها القرآن المجيد حيث يعلن ربُّ المقادير وصاحبها: (عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعتْ كلَّ شيء.. فسأكتبها للذين يتقون) (سورة الأعراف: 157). 

وبالنظر إلى هذه القاعدة السائدة دائما.. يكون من السذاجة بمكان أن يحتجّ أحد بقوله: لا بد من تحقق النبوءات كلها حرفيًّا كما يفهمها العقل البشري المحدود. إن مثل هذا الرأي مضلِّل تماما، وصاحبُه يَغفل عن أن يأخذ في الاعتبار أمرين: أولا، صفةَ الرحمة الإلهية الحنون التي لا يُسبَر غورها، وثانيا، العواملَ الأخرى المتعلقة بالموضوع.. مثل سلوك القوم الذين صدرت بصددهم النبوءة الإلهية. 

ولما كانت رحمة الله تعالى ترجَح غَضَبَه..فلا يمكن أن يجرؤ مسلم يستحق ذرةً من نعم الله تعالى ليقيِّد حقَّ الله في الاختيار والتفضل برحمته على من يشاء. هذا الحق - بشهادة القرآن العظيم وأحاديث النبي الكريم - هو ما أعلنه الله تعالى هكذا: (كَتَبَ على نفسه الرحمةَ).. يرحم من يشاء وإن كانوا ممن قُدِّر عليهم الغضب من قبل. 

لا مِراء في أن ما يقرره الله تعالى حق مطلق.. لأنه لا يقول إلا ما هو حق. ولكن الله تعالى هو نفسه مالِكُ مشيئته ورب الأقدار. قد ينبئ بهلاك قوم، ثم يبدِّل القومُ سلوكَهم في الحياة ويُبدون الندم، ويتوبون ويتصرفون بحسب التقوى.. وعندئذ يصفح الله تعالى عنهم.. ويَدَعُ المبدأَ الغالب - مبدأ (رحمتي وسعت كل شيء) - ليقوم بدوره طبق قاعدة (وما كان الله معذِّبهم وهم يستغفرون) (سورة الأنفال: 34)

ويندهش المرء عندما يجد هؤلاء الطاعنين في الجماعة الإسلامية الأحمدية يفشلون في ملاحظة الظاهرة اليومية التي خَبرها كل مؤمن. فكثيرا ما يرى المؤمن في الحلم تحذيرًا يتعلق بأحداث غير مواتية ومآسٍ وشيكة في حياته، ويستطيع الجزمَ أن مثل هذه الأحلام الصالحة - بناء على سنة النبي صلى الله عليه وسلم - هي في الواقع تحذيرات إلهية، يكشف الله تعالى عن طريقها لعباده أخطارا تهددهم. ولكن إذا تاب المنذَر، وابتهل إلى الله تعالى سائلا الصفحَ، وأعطى الصدقاتِ وبذل المال في سبيل الله.. فإنه كثيرا ما يتفادى برحمة الله تعالى وغفرانه هذه الأخطارَ المحدقة. 

ما ذا يا ترى..رأي المعترضين على نبوءات سيدنا أحمد.. بالنسبة لهذا الرب الذي يُخبر عبده بحادث وشيك، ثم إذا تاب عبدُه وتضرَّع وتصدَّق وضحّى.. يبدِّل الرب قضاءه؟ ألا يكون صادقا في كلمته؟ 

من تعاليم الإسلام الحقة، التي أرساها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالعقاب الإلهي.. أن لله سبحانه مطلقَ الحرية في أن يعفو، وأن الصدَقة ترفع عقاب السماء المقدر. وبصرف النظر عما يقوله العيابون على سيدنا أحمد بصدد نبوءاته.. تبقى الحقيقة الثابتة بأن تحقُّق النبوءات، وخصوصًا تلك المنذِرة بالعقاب، موضوعٌ مشروط بسلوك المنذَرين الذين صدر بشأنهم القرار، ومشروطٌ أيضا بمشيئة الله تعالى. وإن شاءت حكمتُه ألا يعفو - جل وعلا - تحققت كل كلمة في النبوءة. 

ولكن إذا قدَّر الله تعالى أن يصفح عن الإنسان لأنه بدَّل سلوكه.. فإن النبوءة التي تنذر بالعقاب لا تتحقق. ومن الواضح عندئذ أن عدم تحققها لا يفسَّر بأنه بطلان كلمة الله تعالى.. لأنه جل وعلا محيطٌ بكل شيء، وهو وحده المطّلع على قلب المرء، ويعلم المغزى الحقيقي لكلمات نبوءاته.. ومن ثَم فإنه يحقق كلمته كما قدّر وشاء، وليس كما يفهم الإنسان أو يتوقع. 

ثم هناك دليل إيجابي في القرآن الكريم يشير إلى أن الوعود الإلهية عن بشارات سارة هي أيضا قابلةٌ للتبديل إذا بات القوم المبشَّرون غيرَ أهلٍ لتلقي الإنعام الإلهي الموعود. وللمرء أن يتساءل مثلا.. ماذا جرى لسيدنا موسى وقومه بني إسرائيل بعد أن تحرروا من استعباد فرعون مصر؟ أنبأهم سيدنا موسى عليه السلام بأن الله تعالى سوف يهلك أعداء بني إسرائيل ويورث الإسرائيليين الأرض الموعودة. (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) (سورة الأعراف:130) وتحقيقًا لذلك أوصلهم الله تعالى إلى عتبات الأرض الموعودة التي كتبها لهم، ولكن تبيَّن أن بني إسرائيل غير جديرين بهذا الوعد بعد، ولذلك قضى الله تعالى تأجيلَ تحقق وعده لهم أربعين سنة. (سورة المائدة: 22-27) يروي لنا التاريخ أن سيدنا موسى.. ذلك الرسول الصالح الذي بعثه الله تعالى إلى بني إسرائيل.. عانى مع أمته الظالمة. ومع أنه كان بريئًا من أي جرم إلا أنه مات في "برية مؤاب" دون أن يدخل الأرض الموعودة التي وعده الله وقومه إياها. ولكنه كان عبدًا مؤمنًا مخلصًا لله تعالى.. ولذلك لم يعترض ولم يشكّ في كلام ربه. 

والآن، هل يجرؤ أصحاب التأكيد الساذج بأن وعود الله تعالى لا بد من تحققها حرفيا دون تغيير أو تبديل.. بصرف النظر عن أي سلوك مقيت من جانب الموعودين.. أقول: هل يجرؤون على مساءلة الله تعالى نيابةً عن سيدنا موسى؟ 

وإذن، عندما نقرأ أن كلمات الله "لا تتبدل".. ينبغي فهمُها فقط على أنها أسلوب مقرَّر من الله تعالى، وأن تحقق أحكامها في الماضي منذ إعلان أن "كلمات الله لا تتبدل" يقوم على مثل هذه الآيات القرآنية: (فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) (سورة فاطر:44) فهل يتوقعون من الله تعالى معاملة غير معاملته للأقوام الماضية؟ كلا، لن تجد تغييرا أو تبديلا في سنة الله جل وعلا. ومع ذلك.. إذا شاء الله تعالى - انسجامًا مع سنته المستمرة - أن يرجئ أو يلغي قرارَ إيقاع العقوبة على قوم بسبب عوامل معينة تستدعي رحمته، كما حدث مع سكان نينوى.. فإن هذا التغيير أو التبديل الظاهري لا يجوز اعتباره تبديلا أو تحويلا في كلمة الله تعالى. 

يسوق القرآن الكريم دليلا قويا في بيانٍ علمي.. يوضح كيف أن الله جل وعلا يجعل رحمته تسبق غضبه، إذ يسحب قرار العقوبة الذي أصدره. والمثل النموذجي لهذا الأسلوب نجده في معاملة الله تعالى لأهل نينوى (سورة يونس:99). يقص علينا القرآن المجيد أن الله تعالى بعث سيدنا يونس عليه السلام رسولا إلى بلدة نينوى، فرفضوا رسالة الله تعالى بادئَ الأمر، ولذلك قدر الله موعدًا معينًا ويومًا محددًا لهلاكهم. وفهِم سيدنا يونس أن هذا النبأ الإلهي الخاص بهلاك مائة ألف أو يزيدون من سكان نينوى سوف يتحقق حرفيًّا، ولذلك هاجر من البلدة (سورة الأنبياء: 88)، ووقف على مسافة منها يترقب أنباء تدميرها. يقول القرآن المجيد إن أهل هذه البلدة ندموا ندمًا صادقًا، وتابوا إلى ربهم توبةً نصوحًا، وتضرعوا إليه يستغفرونه ويلتمسون رحمته.. فألغى الله تعالى قراره السابق ونظر إليهم برحمته. ويصرح القرآن المجيد فيما يتعلق بهذه النبوءة والمصير النهائي لقوم نينوى فيقول: (لما آمنوا كشفنا عنهم عذابَ الخزي في الحياة الدنيا) (سورة يونس: 99) فهل يتقدم أولئك الناقدون لنبوءات سيدنا أحمد.. ويحتجون ضد نبوة سيدنا يونس فينكرونها.. لأن نبوءته التي تلقاها بالوحي الإلهي لم تتحقق كما توقعها الإنسان.. فقد جاء قدر الله تعالى بخلافها، ونجَّى أهلَ نينوى من عذاب الخزي لما آمنوا؟ 

وبالمناسبة، فإن سيدنا يونس عليه السلام كان رجلا قوي الإيمان عظيم التقوى. لما أدرك خَطَأَه في فهم غاية المشيئة الإلهية.. طفق يستغفر ويسأل الله تعالى الصفحَ، ونتيجة لذلك نجّاه الله تعالى من الغم. لو كان الناقدون العيابون لسيدنا أحمد هؤلاء في مكان سيدنا يونس.. للبثوا في بطن الحوت إلى يوم يبعثون، إذ لا يُتوقع منهم إدراكُ خطئهم والتماسُ المغفرة على سوء فهمهم لسنن الله تعالى. 

هذه الأمثلة القليلة من التاريخ الديني المسجَّل المحفوظ.. تكفي لترسيخ الحقيقة حول مسألة تحقُّق النبوءات الإلهية، وتُبين أنها موضوع يتطلب الدراسة بحرص عظيم. ومن الـمَهازل المؤلمة عند مناقشة نبوءات أُلهمتْ لسيدنا أحمد - وهي بالطبع خاضعة لنفس القواعد الإلهية السارية التي ذكرناها آنفا - أن خصوم الأحمدية لا يتعاملون مع الموضوع بخُلق الأمانة والاستقامة.. وهما من الصفات الواجبة، ليس على المؤمن فحسب، بل تتوقع أيضا من الإنسان العادي الصادق.

الإمام المهدي والمسيح الموعود > حبه للعرب

لقد كان حضرته عليه السلام يحب العرب حبًّا جمًّا، وقد كان حبه للعرب منطلقا من إيمانه العظيم ومن حبه لله ولرسوله ولدينه، وعملاً بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "حبُّ العرب من الإيمان". ولقد مدح العرب وذكر مناقبهم في مواضع كثيرة من كتبه، ومنها ما نصه: 
"السلام عليكم، أيها الأتقياءُ الأصفياء، مِن العَرَبِ العُرَباء. السلام عليكم، يا أَهْلَ أرضِ النبوّةِ وجيرانَ بيتِ اللهِ العُظمى. أنتم خيرُ أمم الإسلامِ وخيرُ حِزبِ اللهِ الأَعلى. ما كان لقومٍ أن يبلُغ شأنَكم. قد زِدتم شَرَفًا ومَجدًا ومَنـزلاً. وكافِيكم مِن فخرٍ أن اللهَ افتتحَ وحيَه من آدمَ وختَم على نبيٍّ كان منكم ومِن أرضِكم وَطَـنًا ومَأوًى ومَولدًا....
يا سكّانَ أرضٍ وَطِـئَتْها قَدَمُ المصطفى.. رَحِمَكم اللهُ ورَضِيَ عنكم وأَرْضَى.. إن ظني فيكم جليلٌ، وفي روحي للقائكم غليلٌ، يا عبادَ اللهِ. وإني أَحِنُّ إلى عِيانِ بلادكم، وبركاتِ سوادِكم، لأزورَ مَوطِئَ أقدامِ خيرِ الورى، وأجعلَ كُحْلَ عيني تلك الثرى، ولأَزورَ صلاحَها وصُلحاءَها، ومَعالِمَها وعُلماءَها، وتَقَرَّ عيني برؤيةِ أوليائِها، ومَشاهدِها الكبرى. فأَسْأَل اللهَ تعالى أن يرزُقَني رؤيةَ ثراكم، ويَسُرَّني بمَرآكم، بعنايتِه العظمى.
يا إخوان.. إني أُحِبُّكم، وأُحِبُّ بلادَكم، وأُحبُّ رَمْلَ طُرُقِكم وأَحجارَ سِكَكِكم، وأُوثِرُكم على كلِّ ما في الدنيا.
يا أَكبادَ العرب.. قد خَصَّكم اللهُ ببركاتٍ أَثيرة، ومَزايا كثيرةٍ، ومَراحِـمِه الكبرى. فِيكم بيتُ اللهِ التي بُورِكَ بها أُمُّ القُرَى، وفيكم روضةُ النبيِّ المبارك الذي أشاعَ التوحيدَ في أقطارِ العالَمِ وأَظهَرَ جلالَ اللهِ وجَلَّى. وكان منكم قومٌ نصَروا اللهَ ورسولَه بكل القلبِ، وبكل الروحِ، وبكل النّهَى. وبذَلوا أموالَهم وأنفسَهم لإشاعةِ دينِ اللهِ وكتابِه الأَزْكَى. فأنتم المخصوصون بتلك الفضائلِ، ومَن لم يُكرِمْكم فقد جارَ واعتَدَى." 
(مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج 5 ص 419-422)


وقال عليه السلام ناصحًا لهم ما نصه: 
"إني معكم، يا نجباء العرب بالقلب والروح. وإن ربي قد بشّرني في العرب، وألهَمَني أن أُموِّنَهم وأُرِيَهم طريقَهم، وأُصلِح لهم شؤونهم، وستجدونني في هذا الأمر إن شاء الله من الفائزين. 
أيها الأعزة، إن الله تبارك وتعالى قد تجلّى عليَّ لتأييد الإسلام وتجديده بأخصِّ التجليات، ومَنَحَ علي وابلَ البركات، وأنعم عليَّ بأنواع الإنعامات. وبشّرني في وقتِ عبوسٍ للإسلام وعيشِ بؤسٍ لأمة خير الأنام، بالتفضلات والفتوحات والتأييدات؛ فصبَوتُ إلى إشراككم، يا معشرَ العرب، في هذه النعم، وكنت لهذا اليوم من المتشوقين. فهل ترغبون أن تَلحقوا بي لله رب العالمين؟"
(حمامة البشرى، الخزائن الروحانية ج 7 ص 182 و183)


مكانة اللغة العربية عنده
وقد أعلن حضرة الإمام المهدي عليه السلام أن الله تعالى قد أخبره أن اللغة العربية هي أم الألسنة، وأنها الأصل لجميع اللغات، وأنها اللغة التي علّمها الله تعالى لآدم عليه السلام. ودلل على ذلك بدلائل عدة منها أن الله اختار أن يبعث نبيه الخاتم صلى الله عليه وسلم، في قرية هي أم القرى، بلسان هي أم الألسنة، بالقرآن الكريم الذي هو للناس كافة. يقول حضرته عليه السلام في ذلك ما نصّه:
"وتفصيل ذلك أنه صرف قلبي إلى تحقيق الألسنة، وأعان نظري في تنقيد اللغات المتفرّقة، وعلّمني أن العربية أمّها، وجامع كيفها وكمّها، وأنها لسان أصليّ لنوع الإنسان، ولغة إلهامية من حضرة الرحمن، وتتمّة لخلقة البشر من أحسن الخالقين.
ثم عُلّمتُ من كلام الله ذي القدرة، أن العربية مخزن دلائل النبوّة، ومجمع شواهد عظمة هذه الشريعة، فخررتُ ساجدًا لخير المنعمين.... 
ومع ذلك رأيت لُغاتٍ أخرى كخضراء الدِمَن، ووجدتُ دارها خربة وأهلها في المحن، ووجدتها شادّة الرحال للظعن كالمتغرّبين." (منن الرحمن، الخزائن الروحانية ج9 ص 166-168)
وقد بين أن من أخطاء الملوك والأمراء المسلمين أنهم لم يهتموا باللغة العربية وأشاعوا غيرها من اللغات، مع أن العربية لو كانت هي لغة المسلمين في تلك البلدان لكان هذا خيرا. يقول حضرته في ذلك ما نصّه:
"ثم من معائب هذه الملوك أنهم لا يشيعون العربية، ويشيعون التركية أو الفارسية، وكان من الواجب أن يُشاع هذه اللسان في البلاد الإسلامية، فإنه لسان الله ولسان رسوله ولسان الصحف المطهّرة.... وهذا من أوّل أسباب اختلالهم، وأمارات وبالهم، فإنهم تمايلوا على دِمنة من حديقة مطهّرة، ونبذوا من أيديهم حريبتهم ومزّقوا عيبتهم، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو أرفع وأعلى، وشابهوا قوم موسى. ولو أرادو لجعلوا العربية لسان القوم، ولو سلكوا هذا المسلك لعُصموا من اللوم. فإن العربية أم الألسنة وفيها أصناف العجائب وودائع القدرة."
(الهدى والتبصرة لمن يرى، الخزائن الروحانية ج 18 ص 311-312)

الرد على مقال : مغربي يفضح أسرار وهويات وعلاقات قاديانيين مع الخارج

بسم الله الرحمن الرحيم 
السيد رئيس التحرير المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على مقال منشور في جريدتكم تحت عنوان: مغربي يفضح أسرار وهويات وعلاقات قاديانيين مع الخارج ، وهو منشور يوم الجمعة 01 مارس 2013.. تحت هذا الرابط: 
http://hespress.com/%D8%B2%D9%88%D9%88%D9%85/73644.html

فوجدتُ فيه عددا من الافتراءات، فكتبتُ لكم الردّ عليها، آملا أن تقوموا بنشره مشكورين:
1: شبهة أن الجماعة الإسلامية الأحمدية قد ظهرت بإيعاز من الاستعمار البريطاني في الهند

الردّ: هذا كذب مجرّد، والبيّنة على من ادّعى، والجماعة التي أنشأها الاستعمار تزول بزواله، لكن هذه الجماعة ما فتئت تزداد قوةً وصلابةً وانتشارا في العالم كله.
2: شبهة التنابز بالألقاب: جاء في المقال أن الأحمديين: "يسمون المنشقين عنهم بـ"اللاهوريين"، فينسبونهم إلى مدينة لاهور، وأسماء أخرى من قبيل أهل بيغام، ويطلقون عليهم أيضا "غير المبايعين" لأنهم لم يبايعوا الخليفة الثاني ومن جاء بعده".
الردّ: هذا ليس من باب التنابز بالألقاب، بل من باب وصف المذكور وتعيينه وتسميته. ثم إننا نسميهم أحمديين، لكنهم أحمديون لم يبايعوا الخلفاء؛ فما دام هناك أحمديون بايعوا الخليفة، وأحمديون لم يبايعوه فلا بد من التمييز في التسمية، لذا يمكن تسمية الفريق الأول أحمديين مبايعين، والفريق الثاني أحمديين غير مبايعين، أو أحمديين أصحاب جريدة بيغام، أو الذين انتقلوا الى لاهور.

3: شبهة أنّ طاعة الحكومة الإنجليزية الركن الثاني للدين: الردّ: الاعتراض: لقد قال مؤسس جماعتكم إن طاعة الحكومة الإنجليزية هي الركن الثاني للدين، فكيف تفسرون ذلك؟
الردّ: هذا الكلام منزوع من سياقه ومشوّه. فهل يُعقل أن يقول أحد بهذا القول على عمومه وبهذه الصورة؟! القضية هي أن طاعة الحكومة الإنجليزية، في الهند وفي ذلك الوقت حصرا، كانت واجبة وفقا لما اتفق عليه الغالبية العظمى من المسلمين، بما فيهم حضرته، وهو ما أفتى به علماؤهم، وذلك لأنها أنقذتهم من ظلم السيخ في البنجاب ولأنها أقامت العدل بين المواطنين. وقد اتُّهم حضرته بأنه يُظهر هذا الرأي المتفق عليه ويُبطن العداوة والرغبة في التمرد، فقال حضرته هذا الكلام في سياق تبيان موقفه، مؤكدا أن الإسلام يقوم على شقين؛ وهما العبودية لله تعالى والإحسان للخلق، ومن باب أولى أن نرد الإحسان لمن أحسن إلينا، ولهذا فإن رد الإحسان إلى الحكومة المحسنة هو شطر الدين في هذه الحالة. وتفصيل ذلك كما يلي: فتحت عنوان: "جدير بانتباه الحكومة" يوجّه المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام خطابه إلى الحكومة البريطانية قائلا إن "الشيخ محمد حسين، يشي إلى الحكومة أمورا غير صائبة لتسيء بي الحكومةُ الظن. ويكذب عند الحكومة ....ويركز على أنني لست مخلصا أمينا للحكومة والعياذ بالله". ثم ذكر المسيح الموعود عليه السلام أن البطالوي يقول للحكومة إن ميرزا غلام أحمد منافق وكاتم الحق وذو وجهين، مشيرا إلى أن حضرته يؤمن بالجهاد العدواني ولكنه يعلن غير ذلك، ويؤمن بالمهدي السفّاك، ويعلن عكس ذلك. وحتى لا تنخدع الحكومة بذلك أخذ حضرته يوضح الأمر تأصيلا، فقال: "إن عواطف الشكر تجاه الحكومة الإنجليزية المحسنة مترسخة في كل جزء من كياني.... ليس تكلُّفا مني بل بناء على مننها التي غمرت أسرتنا منذ عهد والدي المرحوم الميرزا غلام مرتضى إلى يومنا هذا.... وبعد أن ذكر شيئا عن والده وأخيه ووفائهما للحكومة يقول حضرته: "أما أنا، فقد صرف الله تعالى قلبي عن الدنيا بعد وفاة هؤلاء الأعزة والصلحاء، ووددتُ أن تكون علاقتي مع الله تعالى مبنية على الصدق والإخلاص والحب الكامل. فملأ سبحانه وتعالى قلبي بحبه..... واستعنتُ بالله فكَشف لي وأطلعني عز وجل بإلهامه المقدس بأنه تعالى هو الذات الكامل في جميع صفاته"... ثم ينتقد حضرته الثالوث قائلا: "إن هذا التصور أسوأ من إنكار وجوده عز وجل وفكرةٌ شنيعة إلى أقصى الحدود وأسوأ من جميع سيئات الإنسان". ثم يؤصِّل حضرته لطاعة هذه الحكومة فيقول: "ما دام الله تعالى قد أقام في هذا القوم حكومةً من أجل إدارة نظامنا المادي وأمورنا الدينية، وقد عهدنا منهم مِنَنًا لا يسهل أداء الشكر عليها، لذا نؤكد لحكومتنا الكريمة بأننا مخلصون وناصحون أمناء لها كما كان آباؤنا. ليس في أيدينا إلا الدعاء، فندعو الله تعالى أن ينقذ هذه الحكومة من كل شرٍّ، ويهزم أعداءها بالخزي والذلة. لقد أوجب الله تعالى علينا شكر هذه الحكومة المحسنة كشكره هو عز وجل. فإن لم نشكر هذه الحكومة المحسنة أو أسْرَرنا في نياتنا شرا فلم نشكر الله أيضا، لأن شكر الله وشكر حكومةٍ محسنة يعطيها الله عباده نعمةً من عنده شيء واحد ومرتبط ببعضه، وإنّ ترْكَ أحدِهما يستلزم ترك الثاني". ثم يضيف حضرته قائلا: "يسأل بعض الحمقى وقليلو الفهم: هل يجوز الجهاد ضد هذه الحكومة أم لا؟ فليكن واضحا أن سؤالهم هذا ينمّ عن حمق شديد، وإلا ما معنى الجهاد ضدّ مَن يجب شكره على مننه؟ أقول صدقا وحقا بأن خيانة المحسن وقاحةٌ وسوء باطن. فمذهبي الذي أؤكد عليه مرارا وتكرارا هو أن الإسلام جزءان. أولا: طاعة الله وثانيا طاعة السلطنة التي أقامت الأمن وهيّأت لنا تحت ظلها ملاذا من أيدي الظالمين، وتلك السلطنة هي الحكومة البريطانية. صحيح أننا نختلف مع الأقوام الأوروبية في الدين، ولا نبيح بحق الله تعالى أمورا يبيحونها، ولكن لا علاقة لتلك الأمور الدينية مع أمور الرعية والعلاقة مع الحكومة. إن الله تعالى يعلّمنا بصراحة تامة أن تشكروا وتطيعوا الملك الذي تعيشون في ظله بأمن وسلام. فلو تمرّدنا على الحكومة البريطانية فكأننا نتمرد على الإسلام وعلى الله وعلى الرسول. ففي هذه الحالة مَن يكون أسوأ منا خيانة لأننا نبذنا قانون الله والشريعةَ وراء ظهورنا. (شهادة القرآن) فهذا هو السياق.. إنه التأكيد على الحديث النبوي الشريف: "مَن لم يشكُرِ الناسَ لم يشكُرِ اللهَ"، وأحقُّ الناس بالشكر هو الحاكمُ العادل. وحيث إن الحكومة البريطانية في ذلك الوقت قد قضت على حكم السيخ الظلمة وأقامت العدل وساوت بين الرعية، فقد وجب شكرها. والذي يؤمن بهذا لا يمكن أن يُضمر الشرّ لها، ولا يمكن أن يتحدث بلسانين. أما استخدام المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام لتعبير إن للإسلام جزأين، فهو مؤسَّس على قوله تعالى {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة 113).. أي أن مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ للناس فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ؛ فالدين له ركنان، الاستسلام لله، والإحسان لخلق الله. ومع أنّ الآية عامة في ذِكرها لخلق اللهِ، إلا أن المرء يتحدث أحيانا عن فئة من خلق الله، فيطبّق عليها الآية، فالمسيح الموعود عليه السلام ينقض هنا فكرة وجوب قتال الإنجليز، ويطبق عليهم آية (وَهُوَ مُحْسِنٌ)، ويقول: إن الإحسان لهؤلاء هو الركن الثاني للدين. ومعنى هذا أن هؤلاء الإنجليز إنْ حاربوا المسلمين وظلموهم فيصبح الإحسان للمسلمين المظلومين هو الركن الثاني للدين، فيصبح قتال هؤلاء الإنجليز هو الركن الثاني للدين. لذا لا بد أن يُنظر في السياق. 3: شبهة أنّ انضمام الناس إلى الأحمدية عائد إلى الجهل والخواء الروحي والطمع في مكاسب دنيوية. الردّ: منذ نشأة جماعتنا فإنّ أطهار القلب هم أسرع الناس انضماما لها، وكذلك كبار المثقفين والعلماء، ويكفي أن نذكر أن أول من حصل على جائزة نوبل هو الأحمدي د. عبد السلام الذي نال هذه الجائزة في الفيزياء. وأما سيرة الأحمديين فهي ناصعة ومشرِّفة، وهذا معلوم للقاصي والداني، ومجرّد مشاهدة بعض برامج الحوار تُظهر حديث الآخرين عن الأحمديين في كل مكان. وأما المكاسب الدنيوية فمعلوم أن الأحمديين يتبرعون بنسبة كبيرة من دخلهم، فأين هذه المكاسب الدنيوية؟ فالتهمة كاذبة من كل الوجوه.

4: شبهة العلاقة مع اليهود: استدل المقال بأن للأحمديين مناطق في فلسطين المحتلة، وزعيم الكبابير محمد شريف سبق له أن أفطر مع شمعون بيريز.
الردّ: أما مناطق الأحمديين في فلسطين المحتلة فكل ما في الأمر هو مركز لها في قرية "الكبابير" (بحيفا) التي كانت قد دخلت كلها الأحمدية في وسط العشرينيات، وقد أقيم هذا المركز عام 1928م؛ أي قبل قيام كيان (دولة) إسرائيل بعشرين سنة! وعندما نشبت الحرب بين العرب والحركة الصهيونية سنة 1948م استسلمت الكبابير مع مدينة حيفا والمدن العربية الأخرى، ورأى أهلُها- الذين لم يتجاوز عددهم آنذاك بضع مئات- أن يظلوا في بيوتهم وعلى أرضهم، وأن لا يتركوا وطنهم ليصبحوا لاجئين في بلاد الغُربة. وهكذا فعل كثيرون غيرهم من أهل القرى والمدن العربية، وبقي داخلَ حدود كيان دولة إسرائيل حوالي مائتي ألف مسلم، واليوم يتجاوز عددهم المليون. ولكن اتخذ هؤلاء الظالمون من تمسك المسلمين الأحمديين بأرضهم وديارهم حجةً، فراحوا يتهموننا بالتآمر مع الصهيونية ضد الإسلام والمسلمين. فإذا كان التمسك بأرض الوطن جريمةً ومؤامرةً مع الصهاينة، فلماذا لا يعتبرون المسلمين العرب الآخرين المتمسكين هنالك بأرضهم وديارهم خونةً للإسلام وعملاءَ للصهاينة؟ أما القول إن زعيم الكبابير محمد شريف سبق له أن أفطر مع شمعون بيريز، فهذا ليس أكثر من زيارة روتينية شكلية لرئيس الدولة هناك، حيث يقوم بمثل هذه الزيارة لمختلف المناطق والمؤسسات بين الفينة والفينة. وأفراد الجماعة هناك شأنهم شأن أي مواطن في أي بلد في العالم؛ حيث إن المواطن ملزم باستقبال أي مسؤول. كما أن شمعون بيرز قد التقى عددا من الرؤساء العرب، ووقّع معاهدة مع الفلسطينيين، وظلّ يجتمع به الرئيس الفلسطيني الراحل والحالي، وغيره من المسؤولين، فلماذا تكيلون بمكيالين؟

ردّ على ما جاء في جريدة أخبار الأهرام

بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم وعلى عبده المسيح الموعود 
فيما يلي ردّ على ما جاء في جريدة أخبار الأهرام تحت عنوان: "عامر النجار يكشف زيف عقيدتها...القاديانية حركة ضد مباديء الإسلام".. 
الجمعة 26 من شعبان 1434 هــ 5 يوليو 2013 السنة 137 العدد 46232 

يدعي النجار في هذه المقابلة أنه "يعتمد على النص الذي ينطق بفكر صاحبه"، فنسأله عما يلي من افتراءات وأكاذيب واضحة كالشمس.. نسأله أن يأتينا بالنصوص التي اعتمد عليها في إيرادها: 
1: قوله: "بلغ عدد الجنود القاديانيين في الجيش الاسرائيلي في عام2009 نحو600 جندي". 
2: قوله أن الخليفة الثاني كان من مؤيدي اقامة الدولة الصهيونية في فلسطين العربية. 
3: قوله أن القناة الأحمدية مقرها إسرائيل، مع أنه ذكر لاحقا أنّ مقرها لندن، فتناقض في المقابلة نفسها. 
4: قوله أن القاديانية (ويقصد الجماعة الإسلامية الأحمدية) حركة باطنية غريبة صنعها الاحتلال الانجليزي وأرادت هدم تعاليم الاسلام.... 
5: قوله أن ثناء الله الأمرتسري باهل المسيح الموعود عليه السلام مباهلة علنية ومن عظمة الأقدار أن القادياني مات بعد هذه المباهلة بأيام. 
6: قوله أنّ هناك علاقة بين القاديانية والصهيونية في إسرائيل. 
7: قوله أنّ هدف المسيح الموعود عليه السلام هو إسقاط فريضة الجهاد ضد المستعمر. 
فهذه سبعة أكاذيب واضحة. ونحن ننفي أن يكون هناك قول واحد يؤيدها، فكيف إنْ جئنا بنصوص تنقضها؟ وفيما يلي تفصيل ذلك: 
1: قوله: "بلغ عدد الجنود القاديانيين في الجيش الاسرائيلي في عام2009 نحو600 جندي". 
الردّ: 
في برنامج نصيحة إلى وسائل الإعلام في 24-6-2010 في قناتنا الفضائية (mta) تمت استضافة المحامي أيمن عودة: أمين عام الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ورئيس لجنة مناهضة التجنيد (أي مقاومة تجنيد العرب في الجيش الإسرائيلي) لدى فلسطينيي 1948م، وتم الاتصال بعباس زكور: رئيس الحركة الإسلامية في منطقة عكا (وهي قريبة من الكبابير في حيفا) وعضو كنيست سابق. وكذلك تم الاتصال بواصل طه: رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي.. ووُجّه إليهم سؤال حول هذا التجنيد المزعوم.. فقال المحامي أيمن عودة: "أنا أسكن حي الكبابير حيث غالبيته من الأحمدية. وأؤكد أنه لا يوجد أي جندي في الجيش الإسرائيلي من حي الكبابير، بل لا يوجد أي شرطي أيضا. بل أقول أكثر من ذلك، حيث إنني أزور القرى والتجمعات العربية، فأقول كلمة حق: إن التجمع السكاني الوحيد - منذ عام 1948م وحتى اليوم- والذي لم يندمج فيه أي فرد في أي إطار أمني إسرائيلي، هو حي الكبابير. ليس هنالك قرية ولا مدينة ولا تجمع سكني - من عرب العرامشة في الشمال حتى أم رشرش في الجنوب- إلا ويوجد فيه أو وجد فيه فرد على الأقل، قد اندمج في إطار أمني إسرائيلي، سواء في الجيش أو الشرطة.. إلا حي الكبابير. 
إن أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية يحافظون على الثوابت الوطنية المعروفة لدى كل شعبنا الفلسطيني وفي كل مكان. نحن نؤكد على هذه الوحدة. الجماعة الإسلامية الأحمدية جزء أصيل من فسيفساء الشعب العربي الفلسطيني. هكذا كانت وهكذا ستبقى". 
أما رئيس الحركة الإسلامية في منطقة عكا عباس زكور فقال: "ما أعرفه أن الجماعة الإسلامية الأحمدية جزء من الشعب الفلسطيني وجزء من الأمة العربية. وكما أنه يوجد شواذ في كل مجتمع وفي كل أمة وفي كل شعب، فيوجد شواذ في كل مؤسسة وفي كل برنامج. من هنا نقول علينا أن نبحث في الأمور التي تجمع الأمم والشعوب وتقوي الروابط فيما بينها لا التي تفرق الروابط". 
فسأله الأخ محمد شريف قائلا:" أنت من عكا، وهي قريبة من حيفا، وأنت شيخ معروف، ولك احترامك في المجتمع العربي الفلسطيني وفي الخارج.. فلا بد أن يسمع المشاهد كلمة صريحة منك: هل يوجد 600 جندي أحمدي في الجيش الإسرائيلي؟ 
فقال عباس زكور:"لم نسمع ولم نعرف ولم يحدثنا أهل حيفا وأهل الكبابير أن الذين ينتمون للأحمدية يلتحقون بالجيش الإسرائيلي كما هو حال الدروز والشركس. إنما نسمع عنهم أمورا أخرى في قضايانا وعلاقاتنا الاجتماعية الطيبة والحميدة والجميلة.. الإسلام هو أمة الحوار، ندعو الجميع للتحاور ومقارعة الحجة بالحجة، لا الاتهامات التي تأتي جزافا هنا وهناك." لذا علينا أن نراعي الكلمة التي تقال".. 
وأما واصل طه: رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، فقال: "سكان الكبابير هم من أبناء جلدتنا، وأبناؤنا وإخوتنا الذين يساهمون مساهمة كاملة في نضالات شعبنا. ونحن شعب واحد، والوحدة الوطنية ضرورية، وكل محاولة للدس والعمل في هذا الاتجاه فهي محاولة لضرب الوحدة الوطنية. 
أهل الكبابير وجماعة الأحمدية هم أبناء الشعب الفلسطيني وجزء لا يتجزأ من شعبنا. وكل هذه الاتهامات هي افتراء على الإخوة الذين هم جزء لا يتجزأ من شعبنا". 
وقبل عشرين سنة كانت جماعتنا في فلسطين قد جمعت توقيعات من رؤساء مجالس محلية كبيرة ومن قضاة عرب ومن كبار رجالات فلسطين 1948م على أنه لا يوجد أي جندي أحمدي في الجيش الإسرائيلي.. 
2: قوله أن الخليفة الثاني كان من مؤيدي إقامة الدولة الصهيونية في فلسطين العربية. 
الردّ: 
يكفي ردًّا على ذلك قراءة خطاب "الكفر ملة واحدة" الذي ألقاه حضرة الخليفة الثاني رضي الله عنه في انتقاد قرار تقسيم فلسطين عام 1947. فقد ظلّت جماعتنا تعارض هذا الظلم بكل وضوح. 
3: قوله أن القناة الأحمدية مقرها إسرائيل، مع أنه ذكر لاحقا أنّ مقرها لندن، فتناقض في المقابلة نفسها. 
الردّ: 
في مركز جماعتنا في حيفا يوجد استوديو، كما يوجد استوديوهات لنا في كثير من الدول، أما البثّ فهو من لندن. 
4: قوله أن القاديانية (ويقصد الجماعة الإسلامية الأحمدية) حركة باطنية غريبة صنعها الاحتلال الانجليزي وأرادت هدم تعاليم الاسلام.... 
الردّ: 
يكفي هنا أن نورد بعض فقرات من كتب المسيح الموعود عليه السلام: 
"لا دينَ لنا إلا دين الإسلام، ولا كتاب لنا إلا الفرقان كتاب الله العلاّم، ولا نبيّ لنا إلا محمدٌ خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وبارَكَ وجعل أعداءه من الملعونين. اشهدوا أنّا نتمسّك بكتاب الله القرآن، ونتّبع أقوال رسول الله منبعِ الحق والعرفان، ونقبَل ما انعقد عليه الإجماع بذلك الزمان، لا نزيد عليها ولا ننقص منها، وعليها نحيا وعليها نموت، ومن زاد على هذه الشريعة مثقال ذرّة أو نقص منها، أو كفر بعقيدة إجماعيّة، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". (مكتوب أحمد، ص 39) 
"وأمّا عقائدنا التي ثبّتنا الله عليها، فاعلم يا أخي أنّا آمنّا بالله ربًّا، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًّا، وآمنّا بأنه خاتم النبيين. وآمنَّا بالفرقان أنه من الله الرحمن، ولا نقبل كل ما يُعارض الفرقان ويُخالف بيّناته ومُحكماته وقصصه". (تحفة بغداد، ص 34) 

5: قوله أن ثناء الله الأمرتسري باهل المسيح الموعود عليه السلام مباهلة علنية ومن عظمة الأقدار أن القادياني مات بعد هذه المباهلة بأيام. 
الردّ: 
الخلاصة أن ثناء الله هرب من المباهلة.. وفيما يلي التفصيل: 
في عام 1897م كتب المسيح الموعود عليه السلام كتابه "أنجام آثم" توجّه فيه إلى بعض رجال الدين المتعصبين في الهند الذين أطلقوا عليه اسم "المدعي الكاذب"، وتحداهم للدخول في مباهلة، وكان اسم المولوي ثناء الله ضمن القائمة التي تضم أسماء هؤلاء المشايخ المتعصبين. كان المسيح الموعود عليه السلام عندئذ قد بلغ من العمر 62 عاما؛ في حين كان المولوي الأمْرِتْسَري شابًّا عمره 29 عامًا. 
تدل السجلات التاريخية أن المولوي الأمْرِتْسَري تجاهَلَ هذا التحدي لمدة 5 سنوات، ولكنه في عام 1902م - ربما تحت ضغط من بعض زملائه - بادر وتحدى المسيح الموعود عليه السلام إلى المباهلة. وما أن تلقَّى حضرتُه إعلانَ المولوي الأمْرِتْسَري، حتى نشره مشفوعًا بقبول ما عرضه المولوي وصرح فيه بقوله: 
"لقد اطلعت على إعلان المولوي ثناء الله الأمْرِتْسَري الذي يدعي فيه أن لديه رغبةً مخلصة في أن يدعو كلٌّ منا بأن يموت الكاذبُ منا في حياة الآخر." (إعجاز أحمدي، ص 14- الخزائن الروحانية؛ ج19، ص121) 
وكان المسيح الموعود عليه السلام يعرف طبيعـةَ المولوي الأمْرِتْسَري الرِعْديدة، فصرح حضرته بأن الأمْرِتْسَري قد قدَّم اقتراحًا جيدًا، ونأمل أن يظل متمسكا به. (المرجع السابق) ثم أضاف: 
"إذا كان المولوي ثناء الله مخلصا في تحديه بأن يهلك الكاذبُ قبل الصادق.. فلسوف يموت ثناء الله أولا". (مجموعة الإعـلانات، ج3 ص578) 
وعندئذ بادر المولوي الأمْرِتْسَري إلى التراجع السريع متعللا بقوله لي: 
"أنا لست نبيًّا ولا أدّعي مثلَك النبوة أو الرسالة أو البُنُوّة لله أو تلقِّي الوحي، ومن ثم لا أجرؤ على الدخول في مثل هذه المعركة. إن مؤدَّى اقتراحك هو أني لو مُتُّ قبلك فستعلنه كدليل على صدقك، وإذا مُتَّ أنت قبلي - وهو تخلص جيد - فمن ذا الذي سيذهب إلى قبرك ويحاسبك؟ هذا هو السبب في عرضك هذا الاقتراح السخيف. ومع ذلك فإني أعتذر بأني لا أجرؤ على الدخول في هذه الخصومة، ونقصُ شجاعتي هذا مصدر شرف وليس تحقيرًا لي." (إلهامات الميرزا، ص112) 
وهكذا تراجَعَ الأمْرِتْسَري عن المضي في المباهلة التي أثارها بنفسه؛ ومن ثم فإن المباهلة التي قبِل بها المسيح الموعود عليه السلام في كتابه "إعجاز أحمدي".. أصبحت غيرَ ذات موضوع. 
وبالرغم من هذا فإن تراجُع الأمْرِتْسَري عن تحديه أصبح مصدرَ إحراج لزملائه، وتعرَّضَ لنقدٍ قاسٍ منهم، مما دفعه - بعد خمس سنوات أخرى - ليصدر تحديًا جديدًا يدعو فيه أعضاءَ الجماعة الإسلامية الأحمدية ليتقدموا ومعهم سيدنا أحمد، فقال: 
"الذي تحدانا إلى المباهلة في كتابه "أنجام آثم" أَرْغِموه على مواجهتي، لأنه ما لم يصدر حكمٌ فاصل في أمر نبي، فإن أتباعه لا يجدون شيئًا يربطهم به." (جريدة "أهل الحديث" 29/3/1907م ص10) 
وعندما قرأ المسيح الموعود عليه السلام تحديه الأخير، كتب محرِّرُ جريدة الجماعة الإسلامية الأحمدية "بدر" ليعلن: 
"ليفرح المولوي ثناء الله بأن سيدنا الميرزا صاحب قد قَبِلَ تحديه. فعليه أن يعلن إعلانًا جادًّا بأن حضرة أحمد مزوِّرٌ في ادعائه. ثم ليدعو ثناء الله بأنه إذا كذب في قوله؛ فلتنـزل لعنة الله على الكاذب. (جريدة "بدر"، يوم 4/4/1907م) 
ولكن الأمْرِتْسَري - كما بدا منه آنفًا - اعترف بأنه لا يجرؤ على الدخول في مثل هذا الخصام. ومن ثم تحوَّلَ عن موقفه مرة أخرى وأعلن - موجهًا خطابه لي- على الملأ: 
"إني لم أتَحدَّك للمباهلة، بل أعلنت استعدادي للحلف، ولكنك تسميه مباهلة، في حين أن المباهلة تتضمن أن يحلف الفريقان ضد بعضهما. لقد أعلنت استعدادي للحلف ولم أشرع في مباهلة. إن القَسَم من جانب واحد شيء والمباهلة شيء آخر. (جريدة "أهل الحديث" ليوم 19/4/1907م) 
إن اقتراح المولوي الأمْرِتْسَري يعني أنه لم يُرد من المسيح الموعود عليه السلام أن يدعو ليستنـزل اللعنة على المولوي الأمْرِتْسَري، في حين أنه نفسه مستعد لاستنـزال اللعنة من جانبه وحده على سيدنا أحمد! ومع ذلك فإن الأمْرِتْسَري بتراجعه هذا قدّم الدليلَ مرة أخرى على أنه يروغ عن موقفه الأصلي.. مع أنه طلب من المسيح الموعود عليه السلام طلبًا صريحًا واضحًا كي تتم المواجهة بينهما. 
وعندما لاحظ المسيح الموعود عليه السلام أن المولوي الأمْرِتْسَري لم يكن مستعدًّا ليتخذ موقفًا محددًا في الخلاف.. صرّح حضرته يوم 15/4/1907م بهذا الدعاء: 
"اللهم افْصِلْ بيني وبين المولوي ثناء الله. واجعل مثير الفتنة الفعلي الكاذب يهلك في حياة الصادق!" (الفصل النهائي في الخلاف مع المولوي ثناء الله الأمْرِتْسَري، مجموعة الإعلانات ج3 ص 579) 
أُرسلَ هذا الإعلان إلى المولوي الأمْرِتْسَري مع طلبٍ لنشره في جريدته "أهل الحديث"، واختتم الإعلان بتصريح من المسيح الموعود عليه السلام يقول فيه: 
"وأخيرا أرجو من المولوي ثناء الله أن ينشر تصريحي هذا في صحيفته "أهل الحديث"، ويعلّق في نهايته بما يشاء، ويترك الحكم لله تعالى." (المرجع السابق) 
فأوضح الأمْرِتْسَري موقفه بقوله: 
"هذه الوثيقة غير مقبولة لدي، ولا يقبل أي إنسان عاقل بالموافقة على مثل هذا التحدي. وإني أرفض هذا العرض الذي نشرتَه. (جريدة "أهل الحديث" 26/4/1907م) 
ولم يقتصر المولوي الأمْرِتْسَري على رفض تحدي المسيح الموعود عليه السلام له، بل بلغ به خوفه من عواقب دعاء المسيح الموعود عليه السلام أن اشتكى قائلا: 
"لا يمكن أن أدخل طرفًا في هذا التحدي، لأنه لم تؤخذ مني موافقةٌ على هذا الدعاء، ونُشر فحواه دون علمي." (المرجع السابق) 
كان الأمْرِتْسَري ولا ريب، خائفًا من موته ميتة لعينة لو تجاسر على دخول المباراة مع سيدنا أحمد.. ومن ثَمَّ سألني: 
"كيف يمكن أن يكون موتي آيةً للآخرين، في حين أنك تقول بأن المولوي دستغير القصوري والمولوي إسماعيل العليكرهي والدكتور دوئي الأمريكي وغيرهم قد ماتوا بنفس الطريقة؛ فهل آمَنَ بك الآخرون؟ وهكذا لو حدث الموت فما النفع في ذلك؟ (المرجع السابق) 
ثم طلب المولوي الأمْرِتْسَري من سيدنا أحمد: 
"أَرِني آيةً أشهدها بنفسي. لو أني مُتُّ فماذا أستطيع رؤيتَه"؟ (المرجع السابق) 
وبحسب نص هذا الجواب لتحدِّي المسيح الموعود عليه السلام اقترح المولوي الأمْرِتْسَري معيارًا جديدًا تمامًا لتسوية هذا الموضوع فيما بينه وبين المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام حيث قال لمؤسس الأحمدية: 
"يقول القرآن الكريم إن الله يمهل المجرمين. فمثلا يقول تعالى: مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا  (مريم: 76)، ويقول: إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا (آل عمران: 179)، ويقول: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ  (البقرة: 16)، ويقول: بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ  (الأنبياء: 45). كل هذه الآيات تعني بوضوح أن الله يمهل ويمنح حياة طويلة للكذابين والخادعين ومعكِّري السلام والعصاة الفاسقين، كي تزداد آثامهم في فترة المهلة. فكيف إذن تقترح قاعدة بأن مثل هؤلاء الناس لا ينالون فسحة طويلة من العمر؟" (جريدة "أهل الحديث" ليوم 26/4/1907م) 
وحاوَلَ الأمْرِتْسَري بعد ذلك أن يؤسس صحة اعتقاده هذا بأن الكاذبين - وليس الصادقين - هم الذين يمنحهم الله تعالى عمرًا أطول، مستشهِدًا بالتاريخ الإسلامي، فاحتج قائلا: 
"على الرغم من حقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نبيًّا صادقًا من الله تعالى، وأن مسيلمة كان مدعيًا كاذبًا.. فإن هذا بَقِيَ حيًّا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعبارة أخرى: إن مسيلمة الكذاب مات بعد موت الصادق." (كتاب "مرقّع قادياني"، طبعة أغسطس/ آب 1907م) 
من هذه المحاورة بين المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام، والمولوي الأمْرِتْسَري وما ساقه هذا من أعذار للرد على إعلان سيدنا أحمد.. يتبين أن المسألة قد تحولت تمامًا إلى وجهة جديدة. في بادئ الأمر كان المعيار لتحديد الصادق من الطرفين هو موت الكاذب في حياة الصادق. ولكن اعتراضات المولوي الأمْرِتْسَري قامت على مبدئه الراسخ في ذهنه بإصرار وعناد بأن الله يمهل الكاذبين ويمنحهم حياة طويلة كي يزدادوا إثمًا. وبذلك أرسى هو من عند نفسه معيارًا جديدًا للفصل في النـزاع وحسم الخلاف، ذلك أن الأشرار يُمهَلون وينالون عمرًا أطول كي يُمعِنوا في عدوانهم وتتضاعف سيئاتهم. 
ومن دواعي الندم للمولوي الأمْرِتْسَري أن المسيح الموعود عليه السلام قَبِلَ توضيحه هذا، وصرّح: 
"قد اقتَرَحَ معيارًا مختلفًا تمامًا بأن الكاذب يعيش أطولَ من الصادق.. كما حدث في حالة مسيلمة الكذاب والنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم" (إعلان أكتوبر/ تشرين الأول 1907م) 
وكما قدّر الله تعالى، سَقَطَ المولوي الأمْرِتْسَري في فخٍّ من اختياره. فبحسب شرطه ومعياره: مَنَحَ اللهُ  المولوي الأمْرِتْسَري فسحةً طويلة من العمر.. فعاش أربعين عامًا بعد وفاة سيدنا أحمد؛ ليشهد بعينه آياتِ صدقِ المسيح الموعود عليه السلام تتواتر، وليشهد أيضا خيبةَ آماله عن إحباط دعوة المسيح الموعود عليه السلام. 
لقد عاش الأمْرِتْسَري ليرى قومَه يهجرونه وينبذونه عندما حصل مسلمو الهند من علماء مكة على فتوى بكفره وارتداده جاء فيها: 
"المولوي الأمْرِتْسَري رجل ضال ابتدع عقائد جديدة." (فيصلة مكة، ص17) 
وتصرح هذه الفتوى التي أصدرها علماء مكة ضد المولوي الأمْرِتْسَري: 
"لا يجوز أن يُسأل عن علم ولا يُتَّبَع. ودليله لا يُقبَل، ولا يجوز أن يؤم الصلاة. لا شك في كفرِه وارتداده." (المرجع السابق) 
لقد عاش الأمْرِتْسَري أيضا ليرى نفسه يتردى من الأرستقراطية إلى الفقر والعوز. رجل كان يظن بأنه يملك الملايين فإذا بيته يتعرض للنهب والحرق في المذابح الطائفية عند انقسام الهند وباكستان عام 1947م. (سيرت ثنائي) 
وفَقَدَ ابنَه الوحيد "عطاء الله" الذي ذُبح بلا رحمة أمام عيني أبيه. ولم تفارقه آثارُ هذه المأساة بقية حياته. (مجلة "الاحتشام" 15/7/1962م) والواقع أن هذه الوقائع كان لها وقع شديد على عقله، حتى إن الشخص الوحيد الذي سجَّل تاريخ حياته قال عن هذه الأحداث بأنها: "تسببت في موته موتًا سريعًا بائسًا." (سيرت ثنائي) 

6: قوله أنّ هناك علاقة بين القاديانية والصهيونية في إسرائيل. 
الردّ: 
ليس هنالك أي علاقة بين الأحمدية والصهيونية، إن كل ما في الأمر هو مجرد وجود مركز للجماعة في قرية "الكبابير" (بحيفا) التي كانت قد دخلت الأحمدية فيها في عام 1928 م، وقد أقيم هذا المركز عام 1929 تقريبا؛ أي قبل قيام كيان (دولة) إسرائيل بعشرين سنة! وعندما نشبت الحرب بين العرب والحركة الصهيونية سنة 1948م استسلمت الكبابير مع مدينة حيفا والمدن العربية الأخرى، ورأى أهلُها- الذين لم يتجاوز عددهم آنذاك بضع مئات- أن يظلوا في بيوتهم وعلى أرضهم، وأن لا يتركوا وطنهم ليصبحوا لاجئين في بلاد الغُربة. وهكذا فعل كثيرون غيرهم من أهل القرى والمدن العربية، وبقي داخلَ حدود كيان دولة إسرائيل حوالي مائتي ألف مسلم، واليوم يتجاوز عددهم المليون. 
7: قوله أنّ هدف المسيح الموعود عليه السلام هو إسقاط فريضة الجهاد ضد المستعمر. 
الردّ: 
المسيح الموعود عليه السلام يؤكد على الجهاد مرارا، وفي الوقت نفسه ينزّه القرآن الكريم عن أن يكون قد أمر بقتال الناس كافة، فحضرته يسهب في شرح الجهاد، وحاشا لله أن يكون قد قال بإلغائه. 
القضية لم تكن نهيا عن الجهاد الحقيقي الذي طالما حضّ عليه الإمام المهدي وجماعته، بل نهيٌ عن الجهاد المزيف المكذوب، ونهيٌ عن الكذب والنفاق. ويحسن في هذا السياق قراءة ما جاء في مقدمة كتاب (المسيح الناصري في الهند) للإمام المهدي عليه السلام، حيث يقول: "هدفي من تأليف هذا الكتاب هو أن أردّ على تلك الأفكار الخاطئة والخطيرة التي هي متفشية في معظم فِرق المسلمين والمسيحيـين حول أوائل حياة المسيح عليه السلام وأواخرها؛ وذلك ببيان الحوادث الصحيحة والشواهد التاريخية الكاملة المحقَّقة بمنتهى الدقة، بالإضافة إلى الوثائق الأجنبية القديمة.. أعني أن أردّ على تلك الأفكار التي من شأن نتائجها المروِّعة أن تهدم بناءَ التوحيد الإلهي؛ وليس ذلك فحسب، بل مازال تأثيرها السيِّئ والسامُّ جدًّا ملحوظا في الحالة الخُلُقية للمسلمين في هذه البلاد. وبسبب الاعتقاد بهذه الأساطير الخرافية والقصص الواهية، فإن كثيرًا من الأمراض الروحانية، كسوءِ الخُلق وسوء الظن وقسوة القلب والجفاء، لآخذةٌ في الانتشار في معظم فِرق الإسلام؛ بينما أخذت الصفاتُ الإنسانية النبيلة، كالمؤاساة والتراحم والإنصاف والتواضع، تتلاشى فيهم يومًا بعد يوم، بحيث أوشكت أن تغادرهم نهائيًّا. وبسبب هذه القسوة والانحراف الخُلقي، نجد كثيرًا من المسلمين وكأنهم لا يختلفون عن السباع إلا قليلاً... ففي حين نرى أحدًا من أتباع الجَيْنِية أو أتباعِ البوذية يتجنبُ حتى قَتْلَ بعوضة أو برغوث، نجد معظم المسلمين مع الأسف الشديد لا يخشون، عند سفكِ دمٍ بغير حق أو إزهاقِ نفسٍ بريئةٍ، أَخْذَ ذلك العزيزِ المقتدر الذي اعتبر نفسَ الإنسان أغلى بكثير من سائر حيوانات الأرض. 
فما هو سبب هذه القسوة والهمجية والغلظة يا تُرى؟! إنما السبب هو أن مثل هذه القصص الخرافية والنظريات الخاطئة حول الجهاد تُصَبّ في مسامعهم وتُرسَّخ في قلوبهم منذ طفولتهم؛ الأمر الذي يجرفهم شيئًا فشيئًا إلى الانهيار الخُلقي، حتى إن قلوبهم لم تعد تشعر ببشاعة هذه الأعمال المنكرة؛ بل إن الذي يقتل شخصًا بريئًا على حين غفلة منه، دافعًا أهلَه وعيالَه إلى هوّة الويل والهلاك، يحسب أنه قد أتى عملاً عظيمًا يُثاب عليه، بل يظن أنه قد أحرز مفخرة عظيمة لقومه! 
وبما أن المواعظ الرادعة عن هذه السيئات لا تُلقى في بلادنا، وإن حصل منها شيء فإنما يكون من باب المصادفة، فلذا نجد أفكار عامّة الناس مائلةً إلى هذه الأعمال المثيرة للفتن ميلاً شديدًا. وقد سبق أن ألَّفتُ- شفقةً على قومي- كتبًا عديدة باللغات؛ الأردية والعربية والفارسية. صرّحت فيها بأن فكرةَ الجهاد (العدواني) لدى المسلمين اليوم، وانتظارَهم لإمام سفّاك للدماء، وبُغْضَهم للأمم الأخرى؛ كلّ ذلك ليس إلا بسبب خطأ وقع فيه بعض العلماء قليلي الفهم. أما الإسلام فلا يأذن برفع السيف إلا في حرب دفاعية، أو في محاربة الظالمين المعتدين عقابًا لهم، أو في الحرب التي تُشَنُّ حفاظًا على الحريات المشروعة. والحروبُ الدفاعية إنما هي تلك التي يُلجأ إليها لردّ عدوان العدو الذي يهدد حياة الناس. هذه هي الأنواع الثلاثة للجهاد المشروع، وإلا فإن الإسلام لا يُجيز شنَّ الحرب لنشر الدين، بأية صورة كانت. 
وخلاصة القول إنني قد وزَّعتُ كثيرًا من الكتب بهذا الموضوع ببذل أموال كثيرة في هذه البلاد وفي بلاد العرب والشام وخراسان وغيرها. وبفضل الله تعالى قد وجدتُ الآن- لاستئصال مثل هذه العقائد الباطلة الزائفة من القلوب- أَدلّةً قويةً وشواهدَ بيِّنةً وقرائنَ يقينيةً وشهاداتٍ تاريخيةً، تُبشّرني أشعّةُ صدقِها بأن انتشارها سوف يؤدّي عن قريب إلى تغيّر مدهش في قلوب المسلمين ضد هذه العقائد الباطلة. وهناك أمل قوي أنه بعد تفهُّم هذه الحقائق سوف تنفجر من قلوب أبناء الإسلام السعداء عيون باهرة الجمال عذبة المياه من الحلم والتواضع والرأفة، وإن تغيُّرهم الروحاني هذا سوف يجلب لهذه البلاد سعادة وبركة كبيرتين. وكذلك فإنني على يقين بأن علماء المسيحية وغيرهم الذين يتطلّعون إلى الحق ويتعطّشون له، سيستفيدون جميعهم أيضًا من كتابي هذا. 
....ومن السهل جدًّا أن يدرك كلُّ عاقل أن مثل هذه العقيدة مدعاة لطعن شديد، أعني أن نُكره الشعوب الأخرى على قبول الإسلام، وإلا فمصيرهم القتل! إن الضمير الإنساني ليدرك بسهولة أن إجبار إنسان وإكراهه على قبول عقيدة ما بتهديده بالقتل قبل أن يَعِيَ حقيقتَها ويتبيّنَ تعاليمَها الخيّرةَ ويطّلعَ على مزاياها الحسنة لهو أسلوبٌ مستنكَرٌ للغاية. وكيف يمكن لدين أن يزدهر بهذا الأسلوب، بل على العكس، فهو سيعرّضه للانتقاد من قِبل كل معارض. وإن مثل هذه المبادئ لتؤدي، في نهاية المطاف، إلى خلو القلوب من مؤاساة الإنسان نهائيًّا، كما أنها تقضي على الأخلاق الإنسانية العظيمة كالرحمة والعدل قضاءً تامًّا؛ وتحل محلَّها الضغينةُ والبغضاء المتزايدتان؛ وتنمحي الأخلاقُ الفاضلة، ولا تبقى إلا الهمجية. وحاشا أن تصدر مثل هذه التعاليم الظالمة عن الله الذي لا يؤاخذ أحدًا إلا بعد إقامة الحجّة عليه. 
علينا أن نفكر هل من الحق في شيء أن نقتل، دون تروٍّ أو تريُّث، شخصًا لا يؤمن بدين حقّ بسبب عدم اطلاعه على دلائل صدقه وسمو تعاليمه ومزاياه؟ كلا، بل إن مثل هذا الشخص أحقُّ بالترحم، وأجدر أن نوضّح له بكل رفق ولين صدقَ ذلك الدين وفضائله ومنافعه الروحية، لا أن نُقابل إنكارَه بالسيف أو الرصاص. ولذلك فإن عقيدة الجهاد لدى هذه الفرق الإسلامية في عصرنا - بالإضافة إلى زعمهم بأنه يوشك أن يأتي زمان يُبعث فيه مهدي سفّاح باسم الإمام محمد وأن ينـزل المسيح من السماء لنصرته وأنهما سيقومان معًا بقتل الشعوب غير المسلمة جمعاء لكفرها بالإسلام - لأمرٌ يُنافي المقتضى الأخلاقي منافاةً شديدة. أفلا تعطّل هذه العقيدةُ في أصحابها جميعَ المواهب الإنسانية الطيبة، وتثير فيهم النـزعات الهمجيةَ السبُعيةَ، وتجعلهم يُعاشرون كلَّ شعب بالنفاق...." (المسيح الناصري في الهند). 
وغني عن البيان ما ألحقت هذه المفاهيم الخاطئة عن الجهاد من أضرار بالمسلمين، حتى بدءوا اليوم يتراجعون عنها مضطرين بضغط من الغرب، بدل أن يتراجعوا عنها من خلال الآيات القرآنية وأسوة النبي صلى الله عليه وسلم التي تثبت حرمة ما يذهبون إليه من عدوانية وقتل للأبرياء ونفاق وتحايل. 

بقي أن نذكر أنه في هذه المقابلة تحدث النجار عن ختم النبوة، ونسب إلى المسيح الموعود عليه السلام أمورا غير دقيقة، فنردّ عليها إجمالا مؤكدين أنّ المسيح الموعود عليه السلام هو من أكّد على أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، لذا أكّد على عدم عودة عيسى عليه السلام، وبيّن أنّ عودته تتناقض مع ختم النبوة، كما أكد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأعلى من بين الأنبياء في كل شيء، وهذا ما يقتضيه ختمه للنبوة، لكن الفكر التقليدي يقول بتفوق كثير من الأنبياء على الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من الجوانب، فمثلا ينسبون إلى المسيح عليه السلام أنه يحيي ويخلق، وما شابه ذلك مما لم يكن للرسول صلى الله عليه وسلم، عدا عن معارضته تنزيه الله عن الشريك. 

أمير المؤمنين يقوم بجولة تفقدية لمقر الجلسة السنوية في المملكة المتحدة لعام 2014

قام إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية الخليفة الخامس حضرة ميرزا مسرور أحمد يوم الأحد الموافق للـ 24 من أغسطس بجولة لتفقد ترتيبات الجلسة السنوي الـ 48 للجماعة الإسلامية الأحمدية في المملكة المتحدة.

هذا وستعقد الجلسة السنوية بأيامها الثلاثة في حديقة المهدي في هامبشاير ابتداءً من يوم الجمعة 29 أغسطس.



وأثناء الجولة التفقدية، زار حضرة الخليفة ميرزا مسرور أحمد مختلف الإدارات المكلفة بتنظيم وإدارة هذا الحدث لمدة ثلاثة أيام. واطلع على الترتيبات، كما تفقد الموقع.
وفي وقت لاحق، خطب حضرته مباشرة بالآلاف من العمال المتطوعين ونصحهم بأداء واجباتهم باجتهاد وأن يواظبوا على الدعاء.


حيث قال:
"يجب أن لا تنظروا إلى أي واجب على أنه صغير أو تافه فعليكم أداء واجبكم بأفضل ما يمكن. وعلاوة على ذلك، ينبغي لجميع العاملين والمشاركين في هذه الجلسة أن يقضوا وقتهم في الدعاء "



إمام الجماعة الأحمدية العالمية يعود إلى لندن

عاد إمام الجماعة الأحمدية العالمية الخليفة الخامس حضرة ميرزا مسرور أحمد إلى لندن يوم 17/06/2014 بعد جولة في ألمانيا دامت 15 يومًا.
وخلال هذه الجولة حضر حضرته الجلسة السنوية الـ 39 للجماعة الإسلامية الأحمدية في ألمانيا. وافتتح أيضًا مسجدين ووضع حجر الأساس لمسجدين آخرين، كما التقى مع وفود من عدد من الدول المختلفة، فضلًا عن آلاف المسلمين الأحمديين. 



وقد غادر حضرته مسجد بيت السبوح في فرانكفورت عند الساعة 10:05 صباحًا حيث تجمع مئات المسلمين الأحمديين لرؤية زعيمهم الروحي، ثم سافر إلى كالاه عبر ألمانيا وبلجيكا وفرنسا. وبعد عبور القناة، اصطُحب حضرته مباشرة إلى مسجد الفضل في لندن حيث كان في استقباله عند وصوله الساعة 07:45 مساءً بالتوقيت المحلي المئات من المسلمين الأحمديين.

معنى ابن مريم

 نظام ترقيات روحية
درجات الصلاح كلها رجولية الطابع وفيها تسميات كمثل رجل نقيب وعميد ولواء وفريق، وهناك درجات خاصة لا تنال بسعي بل بفضل بحت من الله، منها درجة كمثل مشير.
من درجات الصلاح درجة رجل يتعرض للضغوط المجتمعية لكنه مؤمن صادق، واسم الدرجة: امرأة فرعون.
ومنها درجة رجل استعان بالله بقوة فقاوم الضغوط وانتصر بالله، واسم الدرجة مريم.
والدرجة التالية لها هي درجة عيسى. يرقي الله إليها من يشاء ممن بلغوا درجة مريم. ليكون إماما مجددا ومصلحا لأمته، ولأن الذي يترقى لدرجة عيسى لابد أن يحمل نيشان اسم مريم أولا، فلذلك يسميه الله تعالى عيسى ابن مريم.. عليهم السلام.
إذن الحالة المريمية حالة غنية بالملكات، حبلى بجنين روحاني، أو حبلى بطور أرقى منها، ولو اقتضت الحكمة وأذن الله ونفخ في هذا الطور الجنيني الروحاني بكلماته لتولّدت منه حالة عيسيوية أو شخص جديد مرسل هو المسمى بعيسى. وهكذا فمعنى عيسى ابن مريم هو: حالة عيسوية تولدت من حالة مريمية.


مبدأ قرآني التكلم بأمثال الأمثال نوع من أنواع التفهيم وتيسير الوعي والاتصال، وليست لتعقيد الفهم ولا للإبعاد ..
ولطالما ضرب الله الزنا والعفة مثلا للشرك والتوحيد، وأعلن الله تعالى للأمة الإسرائيلية تمثيل القرى الكافرة بالنسوة الزانية، ومثل الله رجال الشرك بالزانيات، ومثّل تأثرهم بضلالات الشرك بتفريج الأرجل للزنا، ومثّل المؤمنين الخلص بالحصون المنيعة. وأسفار الكتاب المقدس مليئة بهذه الأمثال. ولامبالاتهم بالمثل كانت سببا في وقوعهم في الشرك.
وضرب الله تعالى بعثة نبيه إيليا مثلا لأمة موسى، وكان المثل مضروبا عن مشابهة إيليا لنبي يبعثه الله تعالى ويأتيهم قبل المسيح، وهو يحيى عليهم جميعا الصلاة والسلام. 
وأعلن الله تعالى في القرآن المحفوظ الكامل في البقرة أنه سيتكلم بأمثال، سيضل فيها الذين ينقضون عهد السمع والطاعة الكاملة مع الله تعالى، ويقطعون الناس عن مبدأ الصلة الحية مع الله تعالى. ولأن الأمثال تقصد إلى تفهيم مباديء الصلة القوية مع الله فإن المنقطعين عن صحيح الصلة بالقهار يحارون في فهمها كما أنهم ينشرون هذه الحيرة والاستنكار.
ولما ضرب ابن مريم مثلا ، سورة الزخرفلقد ضرب الله ابن مريم عليه السلام مثلا مرتين:
1 ضرب الله عيسى عليه السلام أولا مثلا لقوم موسى أي لبني إسرائيل، ضربه من جهة ولادته من سيدة صالحة تنتمي إليهم ولكن ولادته ستكون بكلمة من الله ولن يكون مولده من صلب أحدهم : كناية عن انقطاع النبوة منهم ونضوب معينهم النبوي. فمجيئه إشارة لانتهاء عالمهم الروحي وطي خيمتهم، لأن خيمة أخرى عامة ستنصب للهداية.
2 وضربه ثانية عليه السلام مثلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم: رجلا مؤمنا يترقى بفضل خالص من الله بعد أن بلغ من التقوى مبلغا وصار مثيلا لمريم في التحصن الروحي والعقلي، فيجعله المسيح عيسى ويسميه عيسى ابن مريم، وتأتي الترقية لهذه المرتبة بعد أن بلغ غاية الجهد البشري في التحصن والانشغال بالله تعالى وذكره، وهي مرتبة الصديقية أودرجة مريم المحصن الفروج.
وسيكون اسمه عيسى ابن مريم اسما حكيما أيضا لتعدد أوجه الشبه بين الأمتين والظرفين والمهمتين والطبيعتين الشخصيتين.
سياق المثل لأمتنا "ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين". التحريم.
المثل مضروب للكفار الرجال أولا قبل ان يكون للنساء الكافرات.
وحديثنا هنا مركز على المثل حالة كونه مطبقا على الرجال.
في جمع من النساء الكافرات يكون النداء: ادخلا النار مع الداخلات، ولكن الآية تتكلم عن رجال، فيقال للكافر في فوج الرجال من أهل النار: ادخل النار ياامرأة لوط مع الداخلين. ولاحظ أن كلمة الداخلين صيغة جمع مذكر سالم.
الكافر هنا يمثله الله تعالى بامرأة نوح وامرأة لوط. فيجوز للملائكة نداء كافر بقولهم: تعال ياامرأة نوح أو ياامرأة لوط واسكن النار. يعني تعال يامن تشابه سلوكه معها وكان قلبه كقلب امرأة نوح.
إن كون الرجل ذكرا لاينفي عنه المشابهة المذكورة و(امرأة نوح) هنا اسم لرجل لا لامرأة.
"وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون، إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله، ونجني من القوم الظالمين ". التحريم.
يمثل الله تعالى حالة المؤمن المستضعف بامرأة فرعون، فهذا هو اسم الحالة عند الملأ الأعلى، وهذا المؤمن يمكن أن يناديه الملأ الأعلى: ياامرأة فرعون، وامرأة فرعون هنا اسم لرجل مؤمن ممتحن ..
إن تطورات حالة هذا المؤمن تتوقف عند جواب الدعاء والغفران والإنقاذ من الورطة. 
ولكن هناك تطورات أعظم مفتوحة للمؤمن القوي المستيقن، ويمثّله الله تعالى بمريم، وتنادي الملائكة هذا المؤمن الرجل الذي تحصن بالله وواجه قومه برجولة الروح المخلصة قائلة: يامريم اسكنْ أنتَ وزوجكَ الجنة.
لاحظ أنه لاتقول الملائكة: اسكني ولا يقولون: أنتِ .. ولا يقولون: زوجكِ ، بل الخطاب بصيغة المذكر، طبقا لمثل سورة التحريم عن المؤمن المسمى باسم مريم، مريم الرجل السيد وليس السيدة مريم.
تصل التطورات بمؤمن بلغ مرتبة مريم أن يحظى بنعمة خاصة: هي النفخ في الروح، أي تلقي الوحي من الله تعالى لإنقاذ القوم.
والوحي طبيعته هنا في الحالة العيسوية هي الإصلاح لما انهدم.


القوم منه يصدونلقد ضرب الله حالة عيسى مثلا لرتبة يرقى إليها مؤمن، مكافأة له على جهاده الروحي وأدائه دور المتحصن بذكر الله تعالى، حتى شابهت حالته حالة مريم. ترقية روحية ياعالم.
سمع دكتور هذا الشرح ثم وجم ثم قال: شرح جيد ولكنك أطلت، ثم تكلم في إنكار المسيح الموعود كأنه لم يسمع ولم يجم ولم يقر ولم يثن.
يدوخ الشيخ الذي أقص عليه قصة المثل، ويحار ويحتار أن ابن مريم الموعود هو ابن مريم الرجل وليس رجلا ولدته امرأة اسمها مريم.
ما ذا أقول؟؟ الدكاترة الجهابذة عجزوا عن فهم مثل ضربه الله لهم فجاء رجل من الهند كان أتقاهم فكرمه الله بالفهم.
العباقرة من مدرسي الجامعات عجزوا عن استيعاب مثل قرآني وقالوا نحن العلماء ولنا ضوابط التكفير التي تمت معايرتها في المعامل المركزية. وكفّروا من فهم المثل بتفهيم رب العرش. 
مدرسوا الفلسفة في كليات أصول الدين وقفوا أمام مثل مضروب حائرين كيف ضربه الله وهم لايعلمون؟!
يعاندوننقول لهم لاناسخ ولامنسوخ فلا تلغي آية آية فيصرون على: لا.
نقول لهم لاتكفير في الإسلام ينزع الهوية عن مسلم أصلا ولا بضوابط ولاغيره فيتترسون قائلين :لا.
نقول لهم الدجال خرج منذ زمن وهم أمة ممن كان ينصر المسلمين كرها ثم طوعا، منذ فرديناند وإيزابيللا حتى القرن 19، فيصعرون الخدود قائلين: لا.
نقول لهم الإسلام دين لا قتل فيه لمرتد ولا إكراه فيه في العقيدة مطلقا فيقولون بعناد مريب: لا. 
نقول لهم ألف مقال فيصرون على ما ألفوا من كتب الإسرائيليات معاندين عنادا غريبا صارخين: لا لا لا لا.

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More