الأربعاء، 23 يوليو 2014

شبهات وردود - هل الله يصلي ويصوم ويخطئ ويصيب ويصحو وينام

الشبهة: 
قال ميرزا غلام أحمد إن الله يصلي ويصوم وينام ويصحو ويكتب ويوقع ويصيب ويخطئ ويجامع ويلد ويتجزأ.
الردّ: 
أنقل فقرة مما قاله المسيح الموعود عليه السلام في الله تعالى ما تعريبه:
"إن إلهنا هو ذلك الإله الذي هو حيٌّ الآن كما كان حيًّا من قبل، ويتكلم الآن كما كان يتكلم من قبل، ويسمع الآن كما كان يسمع من قبل. إنه لظَنٌّ باطل بأنه سبحانه وتعالى يسمع الآن ولكنه لم يعد يتكلم. كلا، بل إنه يسمع ويتكلم أيضًا. إن صفاته كلها أزلية أبدية، لم تتعطل منها أية صفة قط، ولن تتعطل أبدًا. إنه ذلك الأحد الذي لا شريكَ له، ولا ولدَ له، ولا صاحبةَ له. وإنه ذلك الفريد الذي لا كفوَ له... إنه قريب مع بُعده، وبعيد مع قربه، وإنه يمكن أن يُظهر نفسه لأهل الكشف على سبيل التمثُّل، إلا أنه لا جسمَ له ولا شكلَ.... وإنه على العرش، ولكن لا يمكن القول إنه ليس على الأرض. هو مجمع الصفات الكاملة كلها، ومظهر المحامد الحقة كلها، ومنبع المحاسن كلها، وجامع للقوى كلها، ومبدأ للفيوض كلها، ومرجع للأشياء كلها، ومالك لكل مُلكٍ، ومتصفٌ بكل كمالٍ، ومنـزه عن كل عيب وضعف، ومخصوص بأن يعبده وحده أهلُ الأرض والسماء." (الوصية، الخزائن الروحانية ج20 ص 309 -310)
وقبل الرد كذلك لا بد من ذكر مثال: تخيل أن نصرانيا قال: إن محمدا يصف الله تعالى بأنه يمرض ويجوع ويعطش.. فسألناه من أين لك هذا؟ فقال: من الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي.
سنقول له: أنت كذاب رغم أن هذه الكلمات موجودة، لكنها ليست بهذا التسلسل ولا بهذا السياق. فالحديث بنصه يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ. يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي. يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي. 
وحتى لا نتخيل دعونا نقرأ قول اليهود الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء. وقد استدلوا على فكرتهم السامية! من الآية إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم. فما دام الله يستقرض فهو فقير! 
يقول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)، فهل يصح القول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم ينسب إلى الله الصلاة في القرآن الكريم؟ أم تقول: إن الصلاة من الله تعني الرحمة ومن الملائكة تعني الاستغفار، رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَرِد عنه هذا التوضيح، ولكننا إذ نؤمن بصدقه نعود إلى المحكم من القرآن الذي جاء به لنفهم في ضوئه المتشابَه، فرجعنا فقلنا بهذا التفسير. فلماذا لا تكون هذه كتلك؟ 
وإني على يقين أن هذا التوضيح كافٍ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ومع هذا فسأضيف بالنسبة إلى صوم الله الذي ورد في إلهام "إني مع الرسول أقوم، ومن يلومه ألوم، أفطر وأصوم "؟ فقد أراد الله سبحانه وتعالى من هذا الإلهام لسيدنا أحمد عليه السلام أن يؤكد له على أنه معه ويقوم بأمره ضد أعدائه وينصره على من يخالفه، ويلوم ويعاقب من يلومه. ثم قال: "أفطر وأصوم"، وقد شرح سيدنا أحمد بنفسه هذا الإلهام كما يلي: "... ومن البديهي أن الله سبحانه وتعالى مُنـزّه عن الصوم والإفطار، وهذه الكلمات لم تُنسب إليه حرفيا على ظاهرها، بل استُعمِلت على سبيل الاستعارة، ومقصدها أن الله هو القهّار والجبّار، وأنه أحيانا يُنزل قهره على الناس، وأحيانا يمهلهم إمهالا (للتوبة) ..... ومثل هذه الكلمات وردت في الحديث القدسي أيضا...". (حقيقة الوحي ص104)
والحديث القدسي الذي أشار إليه سيدنا أحمد عليه السلام هو ذلك الذي أوردنا سابقا. ففي هذا الحديث القدسي ذكر الله سبحانه ثلاث كلمات: "مرضتُ"، "استطعمتك"، "استسقيتك". ولكن من الواضح أن استعمال هذه الكلمات قد جاء على سبيل الاستعارة، فتعالى الله عن أن يصيبه مرض أو جوع أو عطش. وكذلك في الوحي الذي نحن بصدده.. إن الله لا يفطر ولا يصوم بالمعنى الحرفي، فهو استعارة أيضًا.
وأما أن الله يخطئ ويصيب الذي جاء في إلهام "إني مع الأفواج آتيك بغتة، إني مع الرسول أجيب، أخطي وأصيب"، فالمقصود من هذا الوحي أن الله سبحانه وتعالى سوف يؤيد سيدنا أحمد عليه السلام، وأنه سوف ينصره بالأفواج السماوية التي تأتي لنصرته، وأن هذه النصرة سوف تأتي بغتة وتُفاجئ أعداءه ومعارضيه، تماما كما يؤيد الله سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله وينصرهم على أعدائهم في الوقت الذي يظن فيه هؤلاء أنهم قد نجحوا في محاصرة الدعوة الجديدة للقضاء عليها.
والمقصود من كلمة "أخطي" التي أصلها كلمة "أخطئ" هو أن الله تعالى إذا شاء لا ينفذ حكمه أحيانا على الناس بل يُمهلهم ويمدّ لهم، فكأن قدره وعذابه وعقابه قد أخطأهم، بمعنى أنه لم يصبهم. وتعني كلمة "أصيب" أنه تعالى إذا شاء ينفذ حكمه وإرادته، ويقضي بتنفيذ عقابه وظهور جلاله وتجلّي جبروته على الناس.
وقد شرح سيدنا أحمد عليه السلام هذا الإلهام فقال: "سبحانه وتعالى من أن يخطي، فقوله أخطي قد ورد على طريق الاستعارة كمثل لفظ التردد المنسوب إلى الله تعالى في الأحاديث" (الخزائن الروحانية ج22-كتاب حقيقة الوحي ص714). ومن المعروف أنه قد ورد في الحديث القدسي الشريف قوله تعالى: "وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن" (صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع). وفي هذا الحديث يقول تعالى أنه يتردد في قبض روح المؤمن، ولكن هذا القول وارد بأسلوب الاستعارة، إذ تعالى الله عن أن يأخذه التردد وكأنه لا يعرف ماذا يريد أن يفعل كشأن الإنسان الذي يتردد في فعل أمر لأنه لا يأمن عواقبه ولا يدري نتائجه! 
كذلك فقد ورد نفس أسلوب استعمال الاستعارة في القرآن الكريم، إذ نسب الله تعالى لنفسه النسيان حيث قال: (فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَذَا). ولا شك أن كلمة {نَنْسَاهُمْ} في هذه الآية لا تؤخذ بحرفيتها وإنما هي استعارة تفيد أن الله تعالى سيتجاهلهم كما تجاهلوا هم لقاء ذلك اليوم. فالله تعالى منـزّه عن النسيان والتردد والخطأ، ولكنها كلها كلمات ذُكرت على سبيل الاستعارة ولا اعتراض عليها. 
وبالنسبة إلى تهمة أن الله يجامع أو أن له ولدا، فهذه من سقيم أفهامهم وسوء أدبهم وغبائهم في كذبهم، فمن يصدقهم في مثل هذه الكذبة؟ فأي انحدار هذا الذي إليه يصلون؟ وأي انحطاط هم فيه خالدون! وقد أتوْا بها من خلال تشويه هذا الإلهام: "أنت من مائنا وهم من فشل"، وقد شرح سيدنا أحمد عليه السلام بنفسه هذا الإلهام فقال ما تعريبه من الأردية:
"... الماء (هنا) هو ماء الإيمان والاستقامة والتقوى والوفاء والصدق وحب الله عز وجل الذي يكتسبه الإنسان من الله سبحانه وتعالى. والمقصود هنا من كلمة "فشل" هو الجبن والخيبة اللذان يأتيان من الشيطان، وإن أصل الكفر والفحش هو الجبن والخيبة..." (الخزائن الروحانية ج11- كتاب: نهاية آتهم "أنجام آتهم" ص56 بالحاشية)
وهكذا يتضح أن المقصود من كلمة "ماء" هو ماء الإيمان.. ماء التقوى.. ماء الاستقامة.. ماء الوفاء الذي يُنزله سبحانه ويهبه لسيدنا أحمد المسيح الموعود عليه السلام من فضله ورحمته. 
وبالنسبة إلى التجسد والتشبيه فمعاذ الله أن يقول المسيح الموعود عليه السلام بمثل هذا، ولا ريب أن القائل أدرى بمراده من قوله، وشرحُه يُقدَّم على كل تفسير، فما دام المسيح الموعود قد شرح عبارته فلا يجوز شرحها بغير ذلك، وما دام فلان قد شرح قصده من أي عبارة قالها، فلا يُلتفت إلى شرح الناس.
وأما النص الذي نقل بعضه واتهم فيه المسيح الموعود بأنه يُشَبّه الله بالأخطبوط، فهي كذبة لا تختلف عن سابقتها، لقد كان المسيح الموعود يبين بأن الله تعالى هو عِلّة العِلل الذي تقوم بوجوده كل الموجودات. ثم يقول: إن علاقة الله بالمخلوقات والعالمين جميعا كعلاقة الروح بالجسد، فكما أن جميع الأعضاء تكون تابعة لإرادة الروح وتميل حيثما مالت الروح، فالأمر ذاته بالنسبة إلى العلاقة بين الله ومخلوقاته. 
ثم يقول: لقد كشف عليَّ الحكيمُ مُطلقُ الحكمةِ هذا السرّ؛ بأن هذا الكون كله مع جميع أجزائه هو كالأعضاء التي لا تقوم بنفسها، بل تستمد القوة كل حين من ذلك الروح الأعظم من أجل تنفيذ أفعال علّة العِلل تلك وإراداتِها، كما تكون جميع قوى الجسم بوجود الروح فيه، وبعض أشياء هذا الكون -الذي هو بمنـزلة الأعضاء لذلك الروح الأعظم- هي بمنـزلة نور وجهه سبحانه وتعالى التي تمدّ بالنور ظاهرًا أو باطنًا بحسب إراداته سبحانه وتعالى، وبعض هذه الأشياء هي بمنـزلة يده، وبعضها بمنـزلة رجله، وبعضها بمنـزلة نَفَسِه سبحانه وتعالى. باختصار، إن مجموعة هذا العالم هي بمنـزلة الجسم بالنسبة إلى الله تعالى، وكل ما لهذا الجسم من رونق وبهاء وحياة إنما هو بسبب ذلك الروح الأعظم الذي هو قيّومه. وكلما تحركت إرادة ذلك القيوم تحركت أعضاء هذا الجسم كلها أو بعضها بحسب ما يقتضيه القيوم. 
لتصوير البيان المذكور أعلاه يمكننا أن نفرض على سبيل التخيّل أن قيّوم العالمين هو وجود أعظم له أعضاء من أيدٍ وأرجل تخرج عن حدّ الإحصاء والطول والعرض، وأنّ لهذا الوجود الأعظم خيوطًا -كما تكون للإخطبوط- تصل إلى أنحاء صفحة الوجود كله وتعمل عمل الجاذبية، وهذه الأعضاء هي نفسها التي تسمى العالم. وكلما تحرَّك قيّوم العالم حركة جزئية أو كلية فلا بد من أن تحدث حركة في أعضاء هذا العالم، وسوف ينفذ جميع إراداته من خلال هذه الأعضاء وليس بطريق آخر. فهذا هو المثال الوحيد سهل الفهم لهذا الأمر الروحاني. (طبعة الخزائن الروحانية، مجلد3، توضيح المرام، ص88-90 وبحسب الطبعة السابقة ص75)
لقد كان المسيح الموعود عليه السلام قبل ذلك يتحدث عن دور الملائكة، وهنا يبين بمثال لتسهيل الفهم كما قال ليس أكثر.
وأما أن الله يوقِّع فإن هذا كشف، وليس على الحقيقة. ورؤية الله في الكشف لها معنى، وإذا أراد الشيخ معرفة هذه الأمور فليرجع إلى أي كتاب في تفسير الرؤى والأحلام.
وبالنسبة إلى الوحي الذي يقول الله فيه: "أنت مني وأنا منك، أنت مني بمنـزلة ولدي"
فهذه الكلمات الإلهامية تدل على علاقة المودة والمحبة التي كانت بين الله تعالى وبين سيدنا أحمد عليه السلام. وقد استُعمِل نفس هذا الأسلوب في القرآن المجيد وفي الأحاديث الشريفة وفي كلام العرب بغرض إظهار غاية المحبة والمودة بين المتكلم والمخاطب. فقد ورد في القرآن الكريم على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام: (فَمَنْ تَبِعَنيِ فَإِنَّهُ مِنيِّ)، ولا يقول عاقل إن كلمة "مني" تعني أن كل من اتبع سيدنا إبراهيم عليه السلام قد أصبح من أولاده، بل هي تدل على غاية الحب بينه وبين أتباعه حتى لكأنهم صاروا مثل أولاده. كذلك ورد في القرآن المجيد بأن طالوت قال لجنوده: فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنيِّ وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنّي). ولا يُفسر أحد هذه الآية بأن كل من لم يشرب قد صار من أولاد طالوت، بل تعني أن من شرب لن يكون من أتباع طالوت، وأن من لم يشرب فهو مع طالوت وطالوت معه. 
وقد فسر سيدنا أحمد عليه السلام هذا الوحي، وشرح معناه بكل الوضوح، ولكن المعارضين يتجاهلون ذلك الشرح والتفسير، ويحاولون أن يؤوّلوه كما يحلو لهم حتى يُضلّوا خلق الله ويصرفونهم عن الحق. ويتلخص تفسير المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام لهذا الوحي أن قوله تعالى: "أنت مني" يعني أنك مبعوث من قِبَلي، وقوله: "أنا منك" يشير إلى وحدانية الله التي فُقِدت في العصر الحاضر بين الناس، حيث يُنكر الملحدون وجود الله تعالى، ويزعم المسيحيون أن الله ثالث ثلاثة، واتخذ اليهود أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، واتخذ غيرهم من البشر مثل الهندوس والبوذيون وغيرهم رجالا رفعوهم إلى مرتبة الآلهة كما فعل المسيحيون بعيسى بن مريم عليه السلام، وانصرف المسلمون عن جوهر الشريعة وتمسكوا بالمظهر حتى يكاد ينطبق عليهم قوله تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ). ففي هذه الظروف يقول تعالى لعبده الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام: "أنا منك" إشارة إلى أن وحدانية الله المفقودة في هذا العصر.. عصر الإلحاد وفقدان الإيمان وانتشار التثليث والشرك.. هذه الوحدانية سوف تعود وتعلو وتظهر بواسطتك وبواسطة جماعتك.
وأما ما جاء من قول الله تعالى في وحي سيدنا أحمد عليه السلام: "أنت مني بمنـزلة ولدي"، فهو يماثل قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: "الخلق عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله" (المشكاة، باب الشفقة والرحمة على الخلق، الفصل الثالث، ومرقاة المفاتيح ج9 ص244). وقد فسّر سيدنا أحمد عليه السلام بنفسه هذا الوحي فقال:
"... سبحان الله وتعالى أن يكون له ولد، ولكن هذا استعارة كمثل قوله تعالى: (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ)، والاستعارات كثيرة في القرآن ولا اعتراض عليها عند أهل العلم والعرفان، فهذا القول ليس بقول منكر، وتجد نظائره في الكتب الإلهية وأقوال قوم روحانيين يسمّون بالصوفية، فلا تعجلوا علينا يا أهل الفطنة..." (الخزائن الروحانية: ج22- كتاب: الاستفتاء ص709).
كذلك لا يغيب عن البال أن الله تعالى قد بعث سيدنا أحمد عليه السلام وجعله المسيح الموعود، أي جعله مثيلا لعيسى ابن مريم عليه السلام، وحيث أن المسيحيين قد غلوا في أمر المسيح بن مريم واعتبروه ابن الله وأنه وحده من دون الخلق جميعا الذي يعتبر "ولد الله" والعياذ بالله، لذلك أراد سبحانه أن يُبيّن مرتبة رسوله الأعظم وسيد الخلق أجمعين عليه وعلى أهله وأصحابه وأتباعه أفضل الصلاة والتسليم، فبعث رجلا من خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه، وجعله مثيلا لذلك الذي اتخذه النصارى "ولد الله"، وقال له أنت بمنـزلة ذلك الذي زعموا أنه ابن الله، وكأنه سبحانه يُبكّت أولئك المغضوب عليهم والضالين الذين ذكر تعالى عنهم: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ)، فكأنه سبحانه يقول إنني جعلت واحدا من خدام محمد صلى الله عليه وسلم في منـزلة ذلك الذي زعمتم أنه ولدي، فإذا كانت هذه منـزلة الخادم، فما أعظمها وأرفعها وأعلاها منـزلة السيد الذي أنتم عنه غافلون! 
وبالنسبة إلى إلهام (كأن الله نزل من المساء) فهذا الوحي كان بشرى من الله سبحانه وتعالى لسيدنا أحمد عليه السلام، وكان يتعلق بولادة غلام له فقال سبحانه: "إنّا نبشرك بغلام مظهر الحق والعلا، كأن الله نزل من السماء" (تذكرة ص 281). وكانت هذه البشارة طبق السُنّة الإلهية، كما ورد في القرآن المجيد أن الله تعالى بشَر بعض عباده بولادة أبناء لهم، فقال أنه قد بشّر إبراهيم بولادة إسماعيل عليهما السلام (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ)، وبشّره أيضا بولادة إسحاق، وبشّر الله تعالى زكريا بولادة يحيى عليهما السلام، كما بشر الله تعالى السيدة مريم بولادة المسيح عليهما السلام.
يعترضون على الإلهام: "كأن الله نزل من السماء"، ولا يقرءون حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يتنزّل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الأخير". (صحيح البخاري). فهل يعني هذا الحديث أن الله تعالى يغادر عرشه وينزل بالفعل إلى السماء الدنيا في الجزء الأخير من الليل؟ ألا يعلمون أنه في كل لحظة هنالك ثلث أخير من الليل في منطقة من مناطق الكرة الأرضية؟ أيظل الله نازلا إذًا، والعياذ بالله؟ 
إن نزول الله من السماء يعني أنه يكون أقرب إلى العبد الذي ينهض من فراشه في الثلث الأخير من الليل ويدعو ربه ويناجي خالقه، ولا يعني نزول الله إلى السماء الدنيا أنه ينتقل فعلا كما ينتقل البشر من مكان إلى مكان، وعلى ذلك فحين يوصف ذلك الغلام المبارك بأن مجيئه يكون كأن الله نزل من السماء، فإن هذا يعني أن هذا الغلام سيكون وسيلة لتقريب الناس إلى الله تعالى وهدايتهم إليه، وبذلك فإنه سيكون "المصلح الموعود" الذي يهبه الله تعالى قوة ربّانية وقدرة روحانية فيكون سببا لهداية الكثير من خلق الله.
وقد وُلِدّ ذلك الغلام المبارك بتاريخ 10 جمادى الأول 1306هـ الموافق 12 كانون الثاني (يناير) 1889م، وكان متصفا بجميع الأوصاف والصفات المذكورة في الوحي الذي تلقاه عنه سيدنا أحمد عليه السلام، وأصبح بذلك برهانا على صدقه. بل إنه أصبح برهانا على عظمة الله تبارك وتعالى وصدق رسوله الأكرم سينا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن أعداء الإسلام طلبوا من سيدنا أحمد عليه السلام آية تدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم وعلى صدق دين الإسلام وتكون برهانا على أن الإله الذي يعبده المسلمون هو إله حي قيوم يتكلم ويستجيب أدعيتهم. فالحمد لله أنه سبحانه قد أراهم هذه المعجزة العظيمة التي ظلت مشرقة في سماء العالم، ونوّرت الدنيا على مدى 75 عاما، بل ما زالت الجماعة الإسلامية الأحمدية تستفيد من العلم الرباني الذي تركه ذلك الغلام المبارك، ومن كتبه صعبة الحصر، ومن تفسيراته العظيمة، وأنظمته ومشاريعه التي أقامها، والتي ستظل ثمارها تجود بخيرها إلى يوم القيامة إن شاء الله.

الثلاثاء، 22 يوليو 2014

المباهلات من كتب المسيح الموعود عليه السلام

ملخص ما قرأته في كتب المسيح الموعود عليه السلام عن المباهلات ما يلي: المباهلة لا تكون مع المخطئين في الفهم والجاهلين، بل مع الكاذبين. المباهلة لا تكون بين فرد ضد آخر، بل بين جماعتين يكون على رأس كل جماعة إمام أو مسؤول. المباهلة من طرفنا لا تكون إلا من الخليفة، ولا بد أن يسبقها إذن من الله، لأن المسيح الموعود عليه السلام أوقف المباهلات من طرفه، وأبقاها مفتوحة للخصوم وحدَّد لهم طريقة ذلك. لا يشترط أن يموت المباهل في سنة واحدة، بل أحيانا لا يشترط أن يموت بالمرة، لكن المهم هو ازدهار جماعتنا وفشل خصومنا. 
وفيما يلي فقرات من كلام المسيح الموعود عليه السلام على هذا الملخّص: 
1: المسيح الموعود عليه السلام يشترط العلم فيمن يريد المباهلة، فيقول حضرته داعيا ثناء الله الأمرتسري إلى المباهلة في قاديان: "وإن لم يرَ المجيء إلى قاديان مناسبا فالمباهلة ممكنة أيضا حيث أمتحنه أولا في ما كتبت في "حقيقة الوحي" من الأدلة إثباتا لصدقي، وستكون هناك عشرة أسئلة فقط سأطرحها عليه من أماكن مختلفة من الكتاب لأعلم فيما إذا كان قد قرأه بتدبر وتأن. فإذا جاء رده على الأسئلة منسجما مع ما ورد في الكتاب فستُنشر مباهلة خطية من قبل الفريقينِ. وإذا رضي فسأرسل له نسخة كتاب "حقيقة الوحي"، وهكذا سيُحسم النزاع الدائر بيننا. وسيكون له الخيار أن يطلب مني بعد استلام الكتاب مهلة أسبوع أو أسبوعين استعدادا للامتحان. (حقيقة الوحي)
لا ندعو إلى المباهلة المخطئين: 
يقول المسيح الموعود عليه السلام: أما إذا كان المشايخ الذين يخالفوننا الرأي غير جاهزين للقبول مع كل ذلك، فلا ندعوهم إلى المباهلة لكونهم مخطئين، لأنه لو جازت المباهلة بين المسلمين بناء على خلافات داخلية لكانت النتيجة أن ينزل عليهم العذاب، ولأبيد المسلمون كلهم نهائيا سوى شخص معين كان خِلوًا من الأخطاء كليًّا. فما دام ليس ذلك في مشيئة الله فلا تجوز المباهلة بسبب الخلافات فقط. (إزالة أوهام)
ويقول عليه السلام: يتبين من القرآن الكريم أن كل واحد من الفريقين يجب أن يكون، في حالة المباهلة، على يقين أن خصمه كاذب، أيْ يُعرض عن الحق عمدا وليس مخطئا حتى يستطيع كل فريق أن يقول: لعنة الله على الكاذبين. إذا كان ميانْ عبد الحق يعتبرني كاذبا لقصور فهمه، لكنني لا اعتبره كاذبا بل أراه مخطئا ولا يجوز اللعن على مسلم مخطئ، فهل يجوز القول: لعنة الله على المخطئين بدلا من لعنة الله على الكاذبين؟ فليخبرني الآن أحد: أنّى لي أن ألعن في المباهلة على خصم يعارض الحق؟ إذا قلت: لعنة الله على الكاذبين فهذا ليس صحيحا، لأني لا أرى خصمي كاذبا، بل أعتبره مخطئا في التأويل إذ يصرف النصوص من ظاهرها إلى باطنها دون إقامة قرينة عليها، بينما الكذب هو أن يعارض الإنسان متعمدًا ما يستيقن به في قرارة قلبه.... فالكذب شيء والخطأ شيء آخر. يقول الله تعالى: لعنة الله على الكاذبين ولم يقل لعنة الله على المخطئين. لو كانت المباهلة والملاعنة مع المخطئ جائزة لكان بإمكان أصحاب جميع فِرق الإسلام الذين يخالف بعضهم بعضا بشدة أن يباهلوا ويتلاعنوا، ولكانت النتيجة أن ينمحي الإسلام من وجه الأرض. (إزالة أوهام)
2: لا بد من جماعة مقابل جماعة ولا تصح فردا مقابل فرد أو مقابل جماعة
يقول المسيح الموعود عليه السلام: ثم لا بد من وجود الجماعة أيضا في المباهلة، إذ إن القرآن الكريم ينص على ضرورة الجماعة لهذا الغرض. ولكن ميانْ عبد الحق لم يعلن إلى الآن أن معه جماعة بعدد كذا وكذا من مشاهير الإسلام بمن فيهم النساء والأبناء، وأنهم مستعدون للمباهلة. فكيف يمكن المباهلة ما لم تتحقق شروطها؟ ومن شروطها أيضا أن تُزال الشبهات أولا، إلا إذا لم يكن هناك أدنى تردد وشك في التكذيب. أما ميان عبد الحق فلا يدنو من المناظرة قط، بل هو متشبِّث بفكرة قديمة بأن المسيح عيسى بن مريم سينـزل من السماء. (إزالة أوهام)
وقد اشترط المسيح الموعود عليه السلام على عبد الحق الغزنوي عشرة في المباهلة ثم تنازل إلى ثلاثة، حيث يقول مخاطبا إياه: 
وأمّا ما تدعوني متفرّدًا في المباهلة، فهذا دجلك وكيدك يا غُول البادية. ألا تعلم أيها الدجّال، والغوي البطّال، أن الشرط مني في المباهلة مجيئُ عشرة رجال، لملاعنة وابتهال، في حضرة مُعين الصادقين؟ فما قبلتَ شريطتي، وكان فيه نفعك لا منفعتي. ثم أردتُ أن أتمّ الحجّة عليك وعلى رهطك المتعصّبين، فرضيتُ بثلاثة من رجال عالمين، وخفّفتُ عليك وقنِعتُ يا عدوّ الأخيار، بأن تباهلني مع عبد الواحد وعبد الجبّار، وإنهما أكابر جماعتك وحرثاء زراعتك، وابنا شيخٍ أمين. ففررتَ فرار الظلام من النور، وولّيتَ دُبُر الكذب والزور، ودخلتَ الجُحر كالمتخوّفين. وما وَرَدَ على صاحبَيْك؟ إنهما فرّا وفقَآ عينَيْك، وما جاءاني كالمباهلين. وأيُّ خوف منعهما من المباهلة إنْ كانا يُكفّرانّي على وجه البصيرة؟ فأين ذهبا إن كانا من الصادقين؟ (حجة الله)
3: المباهلة لن نبدأ بها بعد اليوم، لكنها مفتوحة للأبد ليبدأ بها الطرف الآخر. 
يقول المسيح الموعود عليه السلام: "ومن تلك الآيات ما امتد تأثيره إلى كل قوم وزمن وبلد، أقصد بها سلسلة المباهلات التي رأت الدنيا نماذجها. أما الآن، بعد مشاهدة قدر كبير منها، فقد ألغيت طريق المباهلة من جانبي. ولكن كل من يظنني كاذبا، ويراني خائنا ومفتريا ويكذَّبني في إعلاني بأني مسيح موعود، ويزعم أن الوحي النازل علي من الله - سبحانه وتعالى - إنما هو من افترائي - سواء كان مسلما أو هندوسيا أو من الآريا أو من أتباع أي دين آخر - فله الحق أن ينشر مباهلته الخطية معتبرا إياي خصما فيها. بمعنى أن ينشر إقراره أمام الله في بضع جرائد قائلا: أقول حلفا بالله أني على بصيرة كاملة بأن هذا الشخص (هنا يكتب اسمي بصراحة) الذي يعلن كونه المسيح الموعود كذّابٌ في الحقيقة. وهذه الإلهامات التي كتب بعضها في كتابه هذا ليست كلام الله بل كلها من افترائه هو، لذا فإنني أعتبره مفتريا وكذابا ودجالاً ببصيرة كاملة وبيقين كامل وبعد التأمل جيدا. فيا إلهي القادر إذا كان هذا الشخص صادقا عندك وليس كذابا أو مفتريا أو كافرا أو ملحدا فأنزلْ عليَّ بسبب التكذيب والإساءة عذابا شديدا وإلا فأنزِل العذاب عليه، آمين.
فهذا الباب مفتوح للجميع من أجل طلب آية جديدة، وإنني أقرّ بأن الذي يباهلني حالفا بالله بصراحة - بعد دعاء المباهلة الذي يجب نشره على الملأ وفي ثلاث جرائد معروفة على الأقل - لو أمِن من العذاب السماوي لما كنت من الله. ولا حاجة لتحديد المدة في هذه المباهلة. والشرط الوحيد هو أن ينزل أمر تشعر به القلوب. والآن أسجل فيما يلي بعض الإلهامات الإلهية. والهدف من تسجيلها أنه يجب على المباهل أن يكتب حالفا بالله إلهاماتي هذه كلها في مضمون مباهلته (التي يجب أن ينشرها) ثم يسجل إقراره أيضا أن هذه الإلهامات كلها من افتراء الإنسان وليست كلام الله. وليكتب أيضا أني قرأت هذه الإلهامات كلها بتأمل وأقول حالفا بالله إنها افتراء الإنسان، أي افتراء هذا الشخص ولم ينـزل عليه إلهام من الله قط. (حقيقة الوحي)

4: المباهلة تقتضي النصرة الإلهية ولا يشترط فيها هلاك الطرف الآخر، بل يمكن أن يعيش ليرى فشل مباهلته بأم عينيه: 
يقول المسيح الموعود عليه السلام: 
المباهلة التي عُقدت مع عبد الحق الغزنوي في أمْرِتْسَر، ومضى عليها أحد عشر عاما، وهي أيضا آية من الله. لقد أصر عبد الحق كثيرا على المباهلة غير أنني كنت أتردد في مباهلته، لأن الذي ينسب نفسه إليه تلميذًا له، أي المولوي المرحوم عبد الله الغزنوي، كان رجلا صالحا في رأيي............ على أية حال، بعد إصرار شديد من عبد الحق كتبت إليه أني لا أريد مباهلة ناطقٍ بالشهادة. فكتب في الجواب: ما دمنا قد أصدرنا فتوى التكفير ضدك وأصبحنا كافرين عندك فما الحرج في المباهلة؟
فقصارى القول: أتيتُ إلى أمْرِتْسَر للمباهلة بعد إصرار شديد منه. ولما كنت أحب المولوي المرحوم عبد الله من الأعماق وكنت أعدُّه كإرهاص لمنصبي كما ظهر يحيى قبل عيسى عليهما السلام، فما رغب قلبي في الدعاء على عبد الحق بل رأيته جديرا بالرحم لأنه لم يعرف إلى من يسيء. وكان يظهر غيرة على الإسلام حسب زعمه، ولم يكن يعرف ما أراده الله في تأييد الإسلام.
على أية حال، قد قال في المباهلة ما شاء، أما دعائي فقد أرجعته إلى شخصي أنا؛ فظللت أتضرع في حضرة الله أن أُهلَك كالكاذبين إن كنت كاذبا. وإذا كنت صادقا فأرجو من الله أن يؤيدني وينصرني. وقد مضى على هذه المباهلة أحد عشر عاما. ولا يمكنني أن أبين في هذا الكتيب الوجيز ما تلقيته من النصرة والعون من الله بعدها. ولا يخفى على أحد أنه حين عقِدت المباهلة كان معي بضعة أشخاص فقط يُعَدُّون على الأصابع، أما الآن فقد ازداد عدد الذين بايعوني على ثلاث مئة ألف مبايع، وكنت سابقا أواجه صعوبة مالية، فما كنت أتلقى حتى عشرين روبية شهريا فكنت أضطر للاقتراض. أما الآن فقد وصل الدخل من كافة فروع الجماعة إلى ثلاثة آلاف روبية شهريا تقريبا. لقد أرى الله تعالى بعدها آيات قوية وعظيمة، وكل من بارزني هلك في النهاية. كما تتبين من النظر إلى هذه الآيات التي كتبتها عيّنةً فقط كيفية نصرة الله تعالى لي. إذا كان عند أحد مسحة من الحياء أو العدل فتكفيه هذه الآيات لتصديقي...................إن كتبي التي ألّفتها بعد مباهلة عبد الحق تزخر بذكر الإلهامات المبشرة بالتأييد والنصرة الإلهية التي تلقيتها بعد مباهلته، وكيفية تحققها بعظمة وجلال، فمن شاء فليقرأها ولا حاجة لي لإعادة ذكرها.
فأقول باختصار بأني بدأت أتلقى الإلهامات المبشرة بالتأييد والنصرة الإلهية بمجرد عودتي إلى بيتي بعد المباهلة. وقد بشرني الله تعالى بشارات متتالية وقال مخاطبا إياي ما مفاده: سأرزقك إكراما عظيما في الدنيا، وسأجعل منك جماعة كبيرة، وسأري لك آيات عظمية، وسأفتح عليك باب البركات كلها. ونتيجةً لهذه النبوءات دخل في جماعتي مئات الآلاف من الناس وهم جاهزون للتضحية بنفوسهم في هذا السبيل، وقد جاءني أكثر من مئتَي ألف روبية منذ ذلك الحين، كما جاءت الهدايا من كل جانب بحيث لو جُمعتْ لامتلأت بها غُرف عديدة. رفع المعارضون ضدي قضايا زائفة وأرادوا أن يهلكوني ولكن اسوَدّت وجوههم جميعا، أما أنا فنلت العزة في كل قضية في نهاية المطاف، وما كان نصيبهم إلا الخيبة. وقد رُزقتُ بثلاثة بنين بعد المباهلة وأذاع الله صيتي في الدنيا بالعزة والإكرام فدخل جماعتي ألوف من الناس المحترمين. اعلموا أن كل مَن كان لديه إلمام بمدى عزتي وعدد أفراد جماعتي، وبمدخولي وبأولادي قبل المباهلة، وما نلت من التقدم والازدهار بعدها لا بد له من الاعتراف - مهما كان عدوا لدودا - أن الله تعالى شهد على صدقي بإعطائي بركة تلو بركة بعد المباهلة. ويجب أن يُسأل عبد الحق أيضا ما هي البركة التي نالها بعد المباهلة. أقول صدقا وحقا إنها لمعجزة واضحة يمكن أن يراها الأعمى أيضا ولكن الأسف كل الأسف على الذين هم في الليل مبصرون وفي النهار يعمون. لا تزال أمطار من البركات تنزل عليَّ منذ يوم المباهلة، كما خاطبني الله وقال: سأمطرُ لك من السماء وأخرجُ من الأرض. وكذلك عاملني وأعطاني من النعم وأظهر لي من الآيات ما لا أستطيع إحصاءه. ووهب لي عزة بحيث يسقط على قدميّ مئات الألوف من الناس. (حقيقة الوحي)

ويقول المسيح الموعود عليه السلام: ولم يستطع الحيلولة دون ولادة ابني الموعود بل رُزقت بثلاثة أبناء بدلا من ابن واحد. أما عبد الحق فلم يولَد له في بيته إلى اليوم بعد المباهلة رغم مرور 12 عاما. والواضح أن انقطاع نسله بعد المباهلة وعدم ولادة ذرية له مع مرور 12 عاما وكونه أبتر إنما هو دليل على غضب الله عليه بل يعدلُ الموت. كما يقول الله تعالى: "إن شانئك هو الأبتر".

اعلموا أنه لم يولَد في بيت عبد الحق ابن قط بعد كلامه المسيء، بل بقي أبترَ بلا ولد ومحروما من كل بركة، بل مات أخوه أيضا. فبدلا من ولادة ابن له بعد المباهلة وصل أخوه العزيز عليه إلى دار الفناء. (حقيقة الوحي)

يعدد المسيح الموعود عليه السلام ما نال من إكرام بعد المباهلة، فيقول: 
فقد نلنا هذا الإكرام والقبول كله بعد المباهلة، فليخبرني الآن أحد من المشايخ ما هو الإكرام الذي ناله عبد الحق بعدها، وأي قبول لقيه بين الناس وما هي أبواب الفتوحات التي فُتحت عليه؟ وما هي خلعة الفضل العلمي التي أُلبس بعد المباهلة.

هذه هي البركات العشرة للمباهلة التي كتبتُها، وما أخبثهم الذين يعتبرون المباهلة دون تأثير. فعليهم أن يتدبروا ويفكروا في هذه العشرة الكاملة." (أنجام آتهم، الخزائن الروحانية ج 11 ص 309-317)
موت المباهل في سنة واحدة ليس شرطا، لكن لا بد من آية عقاب في غضون سنة: 
يقول المسيح الموعود عليه السلام: "أيّها الناس، إني مُحقّ صادق في ادّعائي، فإياكم ومِرائي، وإن كنتم لا تقبلون قولي، ولا تخافون صولي، ولا تُهصَرون إلى الهداية، ولا تنتهون من الغواية، فَتَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَّعْنَة اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ، ونستفتحْ فيما وقع بيننا، ليُقضى الأمر، ويظهر الحق، وينجو عباد الله من قوم كاذبين. وإني أحضر بِرازَ المباهلة، مع كتاب فيه إلهاماتي من حضرة العزّة، فآخذ الكتاب بيد التواضع والانكسار، وأدعو الله ربَّ العزّة والاقتدار، وأقول:
يا ربّ، إن كنتَ تعلم أن كتابي هذا مملوٌّ من المفتريات، وليس هذا إلهامك وكلامك ومخاطباتك من العنايات، فتَوَفَّني إلى سنةٍ، وعذِّبني بعذابٍ ما عذّبتَ به أحدًا من الكائنات، وأهلِكْني كما تُهلِك المفترين الكاذبين بأنواع العقوبات، لينجو الأُمّةُ مِن فتنتي وليتبيّن ذلّتي على المخلوقات.
ربِّ، وإن كنتَ تعلم أن هذه الكلمات كلماتك ومن الإلهامات، ولستُ بكاذبٍ عندك بل أنت بعثتَني عند ظهور الفتن والبدعات، فعذِّبِ الذين كفّروني وكذّبوني ثم حضروا اليوم للمباهلة، ولا تُغادِرْ منهم نفسًا سالمةً إلى السنة الآتية، وسلِّطْ على بعضهم الجُذام، وعلى البعض الآلام، وأنزِلْ على أبصار بعضهم بلاءً، وسلّط على البعض صرعًا وفالِجًا واستسقاءً، أو داءً آخر وتَوَفَّهم معذَّبين. وابْتَلِ بعضهم بموت الأبناء والأحفاد والأَخْتان، والأزواج والأحباب والإخوان، (لا يشترط أن يموت المباهل، بل يمكن أن يعاقب عقوبة أخرى كما بين حضرته) وعليكم أن تقولوا آمين.
فإنْ يبق أحد منكم سالمًا إلى سَنةٍ فأُقِرّ بأني كاذب وأجيئكم بعجزٍ وتوبة، وأحرق كتبي وأشيع هذا الأمر بخلوص نيّة، وأحسب أنكم من الصادقين." (مكتوب أحمد، ص 50-51)
لا يُشترط في المباهلة أن تنصّ على عقوبة أصلا: 
في الإعلان التالي الذي نشره المسيح الموعود عليه السلام عام 1893 يتبين ذلك، فقد نشر عليه السلام إعلانا بعنوان: "حرب الدكتور القس كلارك المقدسة وإعلاننا تحدّيه"، ذكر فيه حضرته عليه السلام أنه بعد المناظرة التي ستستمر أياما فإنه يدعو إلى المباهلة والتي تكون كما يلي: أن يطلب كل فريق آيةً من الله تتحقق خلال سنة، بحيث تكون لافتة وواضحة وخارقة، ولا يمكن أن يخالفها الفريق الآخر، فإذا ظهرت هذه الآية عند فريق، فعلى الفريق الآخر أن يترك دينه ويقبل الدين الآخر، ويعطي نصف عقاراته لخدمة الدين. 

ثم أجاب المسيح الموعود عليه السلام على سؤال: إذا لم تظهر خلال سنة كاملة أي آية مِن أي مِن الفريقين، فماذا؟ فقال: في هذه الحالة أنا المغلوب، وسوف أتعرض لتلك العقوبة، لأنني مأمور من الله، وبُشِّرت بالغلبة، فإذا جاء أحد المسيحيين أمامي وأظهر آية أو لم أستطع إظهار الآية خلال السنة فإنني على الباطل. (حجة الإسلام)

عقائد الجماعة الاسلامية الأحمدية

خطبة الجمعة التي ألقاها حضرة مرزا ناصر أحمد رحمه الله, الخليفة الثالث للمسيح الموعود و الإمام المهدي عليه السلام

يوم 24-12-76
خلال الجلسة السنوية بربوة باكستان

****************
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. {بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ}. (آمين) 
{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (الإخلاص: 1-5)

من المعتاد في جماعتنا أنه إذا كان يوم الجمعة في أيام الجلسة السنوية نلقي خطبة قصيرة بسبب فعاليات الجلسة من خطابات وغيرها، لذا سأتناول في هذه الخطبة الوجيزة عقائدَ الجماعة الإسلامية الأحمدية والدينَ الذي نؤمن به.

لقد آمنّا بالله الذي قدَّمه الإسلام. وإن القرآن الكريم زاخر بالمعارف عن ذات البارئ وصفاته. لقد اخترتُ الآن سورة قصيرة من القرآن الكريم وقرأتها عليكم. إن الله أحد وحيد فريد، ليس كمثله شيء. وهو خالق أيضا إذ إن كلَّ ما يوجد في هذا الكون بل في العالمين كلها هو مخلوق له، وأما ما هو مخلوق فلا نؤمن بإلوهيته أبدًا، ولا يمكن أن نؤمن بذلك، إنما نؤمن بالإله الواحد الأحد الذي عرَّفنا الإسلام بذاته وصفاته بواسطة القرآن الكريم. 


{اللهُ الصَّمَدُ}.. أي أن الله تعالى غني في ذاته، وليس بحاجة إلى أي شيء من أجل وجوده أو صفاته أو تجلِّيها. إنه تعالى ليس بحاجة إلى مادة لأنه هو خالقها حين لم يكن هناك شيء، وسيفنيها متى شاء. إن صفاته وتجلّيها ليست بحاجة إلى غيره بشكل من الأشكال ولا بمعنى من المعاني. وكل ما سواه بحاجة إليه (سبحانه وتعالى) من أجل وجوده إذ لو لم يخلقْه الله تعالى لما كان، كما أن كل ما سواه بحاجة إليه تعالى من أجل بقائِه أيضا، لأنه سيبقى ما دامت علاقته بصفاته (عز وجل) وأراد أن يبقيه. وهذه الصفة كسائر صفاته تعالى أزلية وأبدية.. أي أنها منذ البداية وستدوم إلى الأبد ولن تنقطع. وبتعبير الأزل والأبد يتبادر ذهن المرء إلى الوقت، ولكنه تعالى أسمى من الزمان والمكان فيما يتعلق بوجوده وصفاته.. فهو لا يخضع للمكان والزمان، إنما هما يخصاننا نحن المخلوقات، ولا يخصّان اللهَ تعالى، فهو (سبحانه وتعالى) لا يتقيد بمكان، ولا ينحصر في زمان، بل هو فوق الزمان والمكان. وكل ما سواه (سبحانه وتعالى) لا يمكن أن يباريه (سبحانه وتعالى) من حيث إنه تعالى خالقه، أما هو فسيأتي عليه الفناء، وإذا فني انتهى لا محالة، فلا مجال لأن يكون أبديًا.


ثم يقول الله تعالى: {لم يلد ولم يولد}.. أي أنه لم يلد كيانًا مثله ومن جنسه، ولم يلده غيرُه. وهذا أيضًا يتضمن مفهوم كون الله تعالى أزليًا أبديًا. عندما نلقي نظرة على السنن الكونية نكتشف أنه لا يلد إلا ما هو عرضة للزوال والفناء، وهو يلد لكي يحل أولادُه محله، ولكن الذي يدوم إلى الأبد فهو لا يحتاج إلى الولادة، كما أنه تعالى لم يلد أحدًا بالفعل لأن ذلك ينافي صفاته. كما أن إلهنا لم يلدْه أحد، فهو الأول أي هو قبل كل شيء، وإذا لم يكن قبله أحد فمن كان سيلده؟


{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.. أي لا شريك لله تعالى في صفاته أيضا، بمعنى أنه إذا وجدنا تماثلاً أو تشابهًا بينه وبين أحد مِن خلْقه فهناك أيضًا نجد فرقًا أساسيًا هائلا بينهما بحيث لا نستطيع أن نصفهما واحدا. مثلا نقول إن الله يسمع إذ من صفاته السمع، لكن ثمة فرق أساسي هائل بين سماع الإنسان وسماع الله تعالى. إن الله تعالى يسمع بدون حاجة إلى أي جهاز، بينما يسمع الإنسان بأذنه. ثم إن الله تعالى غني عن الذبذبات الصوتية للسماع بينما تحتاج أذننا للسماع إلى ذبذبات صوتية معينة مقيدة في الحدود حيث لا تسمعها الحيوانات، كما أن هناك ذبذبات صوتية معينة تسمعها الحيوانات فقط ولا يسمعها الإنسان. إن ما أبينه هنا أن الله (سبحانه وتعالى) أيضًا يسمع بالتأكيد والإنسان أيضا يسمع بالتأكيد، لكنّ الله تعالى يسمع بدون احتياج إلى مادة أو أُذن أو ذبذبات صوتية، فالأدعية التي نرفعها إليه لا تصل إليه عبر الذبذبات الصوتية وإنما يسمعها مباشرة دون حاجة إلى موجات صوتية. كذلك نرى أننا بحاجة إلى العين وضوء الشمس من أجل الرؤية، بينما يرى الله تعالى بدون عين وبدون ضوء خارجي، فهو نفسُه نور الكونين: {اَللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}(النور: 36). فحيثما يبدو لنا شبهة أو تشابهٌ بسيط بين الله تعالى وخلْقه فهناك فرقٌ هائل فيما يتعلق بتجلّي صفات الله بحسب ما يعلّمنا الإسلامُ. لقد منح الله تعالى الإنسانَ وغيره من المخلوقات شيئا بسيطا من صفاته من أجل العمل بقوله "تَخلّقوا بأخلاق الله". إذن ففيما يتعلق بصفات الله تعالى فلا شريك له فيها مطلقًا بأي معنى. 


لقد آمنّا بهذا الإله، لذا فلسنا بحاجة إلى أن نطرق باب غيره، كما لسنا بحاجة إلى أن نسجد للقبور، ولا أن نعبد أصحاب الزوايا. ليس لنا حاجة إلا إلى ربنا الأحد، وهو الباب الوحيد نطرقه عند الحاجة، ولا نعرف بابًا سواه مطلقًا. هذه هي عقيدتنا. لقد قال ربّنا هذا إن محمدا (صلى الله عليه وسلم) حبيبي، وأمَرَهُ ربُّنا: {قلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ}(آل عمران:32)، وامتثالاً لأمر الله (سبحانه وتعالى) نحبُّ النبي (صلى الله عليه وسلم) حبًا لم ولن يحب بمثله إنسان إنسانًا آخر إلى الأبد، لأن حبنا له (صلى الله عليه وسلم) قد بلغ الذروة التي لا يمكن أن يبلغها غيرنا. وقد بلغنا في حبه (صلى الله عليه وسلم) الذروة لأن ربنا (سبحانه وتعالى) أمرنا أنكم إذا كنتم تريدون حبي فأَحِبُّوا حبيبي محمدا (صلى الله عليه وسلم)، وكونوا عبادًا له - حيث قال له (صلى الله عليه وسلم) {قُلْ يا عبادي}- واتبِّعوه تحظَوا بحُبِّي. لقد قال الله لنا إنه (سبحانه وتعالى) قد أنزل القرآن العظيم على محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهو كلام الله وهو الشرع الكامل القادر على حل قضايا الناس إلى يوم القيامة. إن كثيرًا منا قد آمنا به كإيماننا بالغيب لحدٍ ما، ولكنا لما تدبرنا هذا الكلام الإلهي العظيم الذي وضعه محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أيدينا، ولما رأينا العقول الناقصة تائهةً في الظلمات ناكسةً رؤوسها، ووجدناها تخلق المشاكل بدلاً من حلها، فشعرنا أن هذا الكتابَ العظيم القرآنَ الكريم الذي أعطانا الله تعالى إياه يهب النورَ للعقول الناقصة ويحل مشاكل الناس، ولا يمكن للإنسان أن تقوم له قائمة بدون القرآن الكريم، ولا بد للإنسان أي يفهم هذه الحقيقة اليوم أو غدًا من أجل بقائه ومن أجل رقيه. 
هذا هو الإسلام الذي آمنّا به. لقد آمنّا بالدين الذي قدّمه سيدُنا محمد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) أمام العالم لأن الله تعالى أمرنا بالإيمان به. لقد آمنّا بالقرآن الكريم أيضا. 


إن جزءًا من الدين يحتوي على الفقه أي الإفتاء في المسائل السائدة بعد الاجتهاد، والمذهبُ الفقهي الذي نتبعه هو المذهب الحنفي.. وأعني بذلك أن الجماعة الإسلامية الأحمدية تتبع الإمام أبا حنيفة رحمه الله في الأمور الفقهية بشكل عام، مع الفارق أنه إذا قامت الجماعة الأحمدية باجتهادها الخاص في قضية وكان اجتهادا مختلفا عن رأي الإمام أبي حنيفة (رحمه الله)، فإننا نأخذ باجتهادنا، أما إذا لم يكن للجماعة الإسلامية الأحمدية اجتهاد في قضية معينة اتبعنا الفقه الحنفي عادةً في قضايانا العائلية كالزواج والميراث وغيرهما. وأعيد قولي هذا عمدًا وأقول: إن الجماعة في كثير من المسائل قد اجتهدت واختلفت عن الفقه الحنفي، ولا مجال للاعتراض على اختلافنا في بعض المسائل الفقهية، لأن أصحاب المذاهب الفقهية المختلفة الحنفي والشافعي والحنبلي والمالكي.. كلهم متفقون على أن هناك مجالا للاختلاف في الأمور الفقهية ولا اعتراض على ذلك. وهذا الأمر متفَق عليه ولم يختلف فيه أحد. وبناء على هذا القرار المتفق عليه وبناء على حرية الاجتهاد التي أقرّوها وبناءً على النور الذي اقتبسناه من الإمام المهدي (عليه السلام)، يحق لنا أيضا أن نقوم بالاجتهاد ونختلف مع الفقه الحنفي حيثما نحظى بنور جديد من خلال الاجتهاد، وإلا فنحن متمسكون بالفقه الحنفي وملتزمون به عادة.


إن الله الواحد الأحد هو ربُّنا، وإن محمدا (صلى الله عليه وسلم) خاتمَ الأنبياء هو رسولنا، وإن القرآن المجيد هو كتابنا وإن الإسلام هو ديننا. هذه هي عقيدتنا، وإذا أراد غيرنا أن ينسب إلينا معتقدات من عنده فنفوّض أمره إلى الله. إن المرء نفسه يحكم بما يؤمن به. إن الحكم على إيمان المرء غير ممكن في هذه الدنيا، لذلك يقرره الله تعالى وينال الإنسان جزاءه بعد الموت. عندما يموت الإنسان ليمثل أمام الله تعالى فهو الذي سيصدر قراره عما كان في صدره.


باختصار، إننا نعلن ما نعتقد به، وسنظل نعلن ما نعتقد به، وليس في الدنيا قوة يمكن أن تُبعِدنا عن الله تعالى، أو تفصِلنا عن القرآن الكريم، أو تنـزع من صدورنا حب سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، أو تطردنا بعيدًا عن حضرة الله (سبحانه وتعالى). هذا لن يحدث أبدا. ونقول لأجيالنا أيضا: افرحوا فإننا نعاهدكم أننا لن نَدَعَكم تبتعدون عن الإسلام، ولن نسمح لأحد أن يفصلكم عنه، غير أن عهدنا هذا ليس إلا عهد أناس ضعفاء، لذا ندعو الله تعالى دائما ونقول: يا ربنا، لقد قمنا بإعلان ما نشعر به في صدورنا، لقد أعلنّا حبك بحسب ما تشعر به قلوبنا، وإذا وُجد فينا ضعفٌ أو تقصير فاعفُ عنا وكفِّرْ عنا خطايانا، واجعلْنا محبين صادقين لك، واجعلْنا خادمين مخلصين لسيدنا ومولانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وانصرْنا وساعدْنا في مهمتنا الملقاة على عواتقنا وهي إرساء عظمة القرآن الكريم في الدنيا كلها. وندعوك يا ربّ أن تعجِّل ذلك اليوم الذي ترفرف فيه راية سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) في جميع بقاع الدنيا وفي كل أنحاء العالم، وأن يفتح حبُّ محمد (صلى الله عليه وسلم) قلوبَ الناس جميعا ويجمعهم عند أقدامه (صلى الله عليه وسلم)، آمين.

شبهات وردود - مكان وفاة المسيح الموعود عليه السلام


الشبهة: 

توفي المؤسس في بيت الخلاء، وهذا دليل غضب الله عليه.
الردّ:
هذه الأكذوبة من أكبر الأكاذيب؛ فلقد ادّعى معارضو الأحمدية الكثير من الادّعاءات، وافتروا الكثير من البهاتانات، وزوّروا الكثير من الحقائق فألبسوها بالأكاذيب، ولكن هذه الأكذوبة فاقت كل ما عداها من المفتريات، وإن المرء ليستحي أن يكتب عن مثل هذه المفتريات، ولكن حقد الحاقدين وجهالتهم وافتراءهم، يضطرّنا أن نرفع القلم ونتطرق إلى تناول هذا الموضوع لكي نبين للقارئ الكريم حقيقة تلك الفرية الشنيعة التي لا يخجلون من دوام ترديدها. 

لقد بلغت صفاقة وسفاهة هؤلاء الذين يرددون هذه الأكذوبة أقصى الحدود حيث لا يقدّمون أي دليل على هذا القول الساقط والزعم المتدني. ونحن نسأل.: من أين جاءوا بتلك الأكاذيب سوى من خيالهم السقيم؟ هل كانوا موجودين أثناء وفاة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية؟ هل كان من بينهم شاهد عيان؟ 
إن الحقيقة التي يعرفها القاصي والداني هي أن سيدنا أحمد عليه السلام فارق الحياة مستلقيا على فراشه، وكان حوله العشرات من الناس، وكان من بينهم بعض الأطباء المشهورين، بالإضافة إلى أفراد عائلته وبعض صحابته، ولم يتفوّه أحد منهم بمثل هذا القول، ولم يذكر أحد منهم أنه توفي في المرحاض أو في بيت الخلاء، فكيف يزعم أولئك الذين لم يكونوا حاضرين تلك الواقعة.. حدوث أمر لم يره ولم يقل به أي شخص من بين أولئك الذين كانوا بالفعل شاهدي عيان طوال الفترة التي لقي فيها سيدنا أحمد ربه؟
حقا.. لقد علّم إبليس تلاميذه فنون الكذب والدّجل والافتراء، ولّقنهم دروس التزوير والمراء، ولكن.. هل يُلام إبليس على ما فعل، أم يُلام أولئك الذين يصدّقونه بغير دليل ولا برهان، ويمشون وراءه بغير بصيرة كالعميان؟
لقد سُجّلت تلك الواقعة في أكثر من كتاب، وجاء ذكرها في أكثر من مرجع، ولكن المعارضين لا يريدون أن يقرأوا الحقيقة، ولا يبتغون أن يعرفوا حقائق الأمور، ونحن نعلم أنهم سوف يستمرون في ترديد الأكاذيب والمفتريات، ولذلك فنحن لا نتوجه إليهم بقول، وإنما نتركهم لصاحب الأمر الذي إذا شاء أن يرحم فهو أرحم الراحمين، وإذا شاء أن يُعذّب فإن عذابه هو العذاب الأليم.
أما حقيقة الأمر فهي أن سيدنا أحمد عليه السلام كان قد وصل إلى لاهور في صحبة السيدة زوجته وبعض أفراد عائلته وصحابته، ونزل في بيت واحد من فضلاء أفراد جماعته هناك. وكان عليه السلام يعاني من مرض الدوسنطاريا الذي كان يعاوده من حين لآخر، وفي يوم 23 من ربيع الثاني 1326هـ الموافق 26 أيار (مايو) 1908، عاوده المرض، وقد جمع صلاتي المغرب والعشاء، وتناول قليلا من الطعام. ثم أحس بالرغبة في قضاء حاجته، فذهب إلى بيت الخلاء، ثم عاد إلى غرفته لينال قسطا من الراحة. ونام بعض الوقت، ونام أهله، ولكنه استيقظ مرة أو مرتين أثناء الليل لقضاء حاجته. وعند الساعة الحادية عشرة في تلك الليلة، استيقظ مرة أخرى وقد شعر بضعف شديد فأيقظ زوجته، وبعد قليل ازداد شعوره بالضعف، فاستأذنته زوجته أن تدعو حضرة المولوي نور الدين رضي الله عنه الذي كان طبيبا حاذقا وكان أيضا من أقرب وأحب صحابته إليه، فوافق حضرته على استدعائه واستدعاء ابنه (سيدنا) محمود أحمد رضي الله عنه، وكان حينئذ في التاسعة عشرة من عمره.
وقد جاء مولانا نور الدين رضي الله عنه، كما جاء الدكتور محمد حسين والدكتور يعقوب بيك، وقال لهم عليه السلام إنه يعاني من الدوسنطاريا وسألهم أن يقترحوا له دواء، ثم أضاف قائلا: في الحقيقة إن الدواء موجود في السماء، فعليكم بالدواء والدعاء. وقد قام الأطباء بمعالجته، ولكن الضعف كان يزداد، وشعر بالجفاف في لسانه وحلقه، وكان يردد بين حين وآخر: "يا إلهي يا حبيبي". ولعل هذا يُذكّرنا بما قاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه، إذ ورد في صحيح البخاري بأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رأس النبي صلى الله عليه وسلم على فخذي، فغشي عليه، ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت ثم قال: "اللهم الرفيقَ الأعلى" (باب آخر ما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم)
كان صحابة سيدنا أحمد عليه السلام وجميع الحاضرين في حالة من القلق والاضطراب، وكان البعض يقوم بخدمته والبعض الآخر يؤدون صلاة التهجد، وقد كتب ابنه ميرزا بشير أحمد رضي الله عنه يقول: "... حينما رأيت وجه والدي في صباح ذلك اليوم انتابني القلق، واستولى عليّ شعور بأن هذا ليس إلاّ مرض الموت".
حول الساعة الخامسة صباحا وصل نواب محمد عليّ رضي الله عنه، وهو زوج ابنته ومن أبرز صحابته، ولما دخل سلّم على سيدنا أحمد فردّ عليه السلام، ثم سأل: هل حان وقت صلاة الفجر؟ قيل: نعم. فضرب بكفّيه على الفراش وتيمم ثم أخذ يُصلي الفجر. ولكنه غُشي عليه أثناء الصلاة، وبعد قليل أفاق فسأل ثانية: هل حان وقت صلاة الفجر؟ فقيل: نعم. فنوى لصلاة الفجر ثانية، وراح يؤدي الصلاة حتى فرغ منها، ثم غشي عليه وهو يردد هذا الكلمات: "يا إلهي يا حبيبي". 
في الساعة الثامنة صباحا سأله أحد الأطباء الذين كانوا يتولون علاجه عما إذا كان يشعر بألم أو أذى في أي جزء من أجزاء جسده الشريف، ولكنه لم يستطع أن يجيبه لشدة الضعف، وأشار إلى الحاضرين طالبا ورقة وقلما، وكتب أنه يشعر بضعف شديد ولذلك فإنه لا يردّ عليهم. وفي الساعة التاسعة صباحا تدهورت حالته وكانت أنفاسه الشريفة طويلة، وقد بات واضحا للحاضرين أنه في اللحظات الأخيرة من حياته. وفي الساعة الحادية عشرة قبيل ظهر ذلك اليوم، فاضت روحه الطاهرة للقاء حبيبها، وانتقل إلى الرفيق الأعلى في جنة الخلد، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون. وبذلك انقضت أيام عمره المبارك الذي بلغ فيه الخامسة والسبعين ونصف العام.
هذه هي تفاصيل مراحل مرضه الذي توفي فيه، وقد نقلتها هنا بالتفصيل والترتيب، وتؤكد لنا هذه الحقائق الموثّقة على أنه قضى حاجته للمرة الأخيرة في الساعة الحادية عشر ليلاً، وبعدها لازم فراشه حتى الساعة الحادية عشرة من اليوم التالي، وطوال هذه المدة بقي على فراشه، وصلى صلاة الفجر على فراشه، وجاد بأنفاسه الشريفة على فراشه، أمام الكثيرين من الحضور في ذلك اليوم.
ونحن نتحدّى كل أولئك المتخرّصين والكذابين والمفترين المضللين أن يأتوا بشهادة واحدة لشاهد عيان أن حضرته قد توفي في المرحاض، فإن لم يستطيعوا.. ولن يستطيعوا.. فليتقوا الله ربهم، وليخشوا يوما تشخص فيه الأبصار. إنهم بهذا الإفك الذي يخترعونه، وبهذا التزوير الذي يفترونه، إنما يماثلون تماما أولئك المستشرقين الغربيين الذين هم أعداء الإسلام، والذين راحوا يصفون كيف توفي سيد الأنبياء، وكيف أنه كان يتألم في مرضه الذي توفي فيه حتى أنه كان يقول: "إن للموت لسكرات"، وكيف أنه كان لا يقوى على المسير حتى أنه كان يخط بقدميه على الأرض وهو يتحامل على كتفي رجلين من صحابته، وكيف أنه لم يقو على أداء الصلاة فأمر أن يؤم أبو بكر المصلين، وكيف أنه كان يفقد الوعي وهو في النزع الأخير، وكيف أنه كان يكابد الآلام الشديدة حتى أن ابنته فاطمة رضي الله عنها راحت تبكي بجواره. إنهم يذكرون كل هذه الأمور ليُوهموا القارئَ أن هذا العذاب الذي تحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان بسبب غضب الله عليه في أيامه الأخيرة -معاذ الله- وإن كانوا لا يقولون هذا صراحة وإنما يتركون للقارئ أن يستنتجه بنفسه. 
والآن يسير أعداء الجماعة الإسلامية الأحمدية على نفس النهج الذي سار عليه أعداء الإسلام من قبل، ولكن مع فارق كبير، وهو أن أعداء الإسلام لم يخترعوا أكذوبة ولم يفتروا فرية كما يفعل الآن أعداء سيدنا المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام، وإنما ذكروا الحقائق بأسلوب يستنتج منه القارئ ما يريدون له أن يستنتج من دون أن يتفوّهوا به صراحة. أما أعداء سيدنا أحمد عليه السلام فلم يستحوا أن يفتروا عليه هذه الفرية الدنيئة.

شبهات وردود - شبهة إهانة عيسى عليه السلام

الشبهة:
لقد هاجم مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة نبي الله عيسى عليه السلام، حتى اتهمه أنه سمح لمومس أن تداعبه، وأنه كان يشرب الخمر ويسبّ أمه.
الرد:
أيها المسلمون العرب، لقد قام كثير من المشايخ الهنود والباكستانيين بنقل صورة مشوّهة للمسيح الموعود -عليه السلام- إليكم، مستغلين عدم معرفتكم بلغة الأوردو. ولديّ أدلة لا تُحصى على كذبهم وتشويههم، ولعل مثالا يتضح الآن من خلال الإجابة على هذا السؤال، ويمكنكم أن تقيسوا عليه البقية. وهذا المثال يوجب عليكم أن لا تصدِّقوهم، أو على الأقل أن تتبيّنوا وتتثبتوا قبل أن تثقوا بأقوالهم.. فقد قال الله تعالى (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع.
كان المسيح الموعود عليه السلام يرد على اعتراضات القساوسة ضد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهنا يذكر اعتراضهم الخامس، وهو قولهم إن نبيكم قد وقع نظره على امرأة غير مُحْرمة عليه، فجاء إلى بيته فقضى حاجته مع زوجته سودة، فالإنسان الذي لا يستطيع أن يتمالك نفسه عند وقوع نظره على الغريبات عنه، ما لم يَقْضِ حاجته مع زوجته وما لم يشبع جَشَع شهوته، كيف يكون مثل هذا رجلا كاملا؟
وقد استدلوا بحديث على ذلك.. فأخذ سيدنا المسيح الموعود يردّ عليهم ردًّا مفحمًا مبكِّتًا ومطوّلا -استغرق أربع صفحات- منـزهًا نبينا صلى الله عليه وسلم عن مثل هذه التهم حتى قال كردّ إلزامي عليهم: "ولكن ماذا نكتب وماذا نقول عن يسوعكم؟ وإلى متى نبكي على حاله؟ هل كان مناسبا أن يهيئ فرصة لامرأة زانية أن تجلس ملتصقة معه في عز شبابها حاسرة الرأس، وتلمس قدميه بشعرها بكل غنج ودلال، وتدهن رأسه بعطر كسبته بالحرام؟ لو كان قلب يسوع بريئا من الأفكار الفاسدة أو السيئة لمنع مثل هذه المرأة المومسة من الاقتراب إليه حتما.. " فهنا يتحدث المسيح الموعود عليه السلام عن يسوع حسب ما جاء في الأناجيل، أي من باب المحاجّة، وليس عن المسيح الناصري الذي يكرمه القرآن الكريم باعتباره رسولا إلى بني إسرائيل.
ثم عرّج المسيح الموعود عليه السلام للحديث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: "ولكن، انظروا إلى تقوى سيدنا ومولانا أفضل الأنبياء خير الأصفياء محمد صلى الله عليه وسلم، حيث لا يصافح أي امرأة حتى الشريفة، بل حين كن يأتينه للبيعة كان يُجْلِسهن على بعد منه، ويعظهنّ بالتوبة."
ثم عاد عليه السلام إلى الحديث عن يسوع كما وصف في الأناجيل، فذكر الكلام الذي أشرتَ إليه في سؤالك، وإن كانت ترجمتك فيها بعض الخطأ.
باختصار، المسيح الموعود عليه السلام يردّ على القساوسة الذين يشوهون نبينا صلى الله عليه وسلم، ويهاجم يسوع الإنجيلي وليس المسيح الناصري عليه السلام.. فقام المشايخ الهنود بقصّ هذه العبارات متجاهلين خلفيتها، ومفترين بادعائهم أن المسيح الموعود عليه السلام يهاجم المسيحَ الناصري عليه السلام.
وكيف يهاجم المسيحُ الموعودُ عليه السلام المسيحَ الناصريَّ وهو شبيهه؟ وكيف يهاجمه وهو نبي الله؟ فلماذا الكذب؟
وللتفصيل في هذا الموضوع أنقل لك كتيّبا بعنوان (تكريم المسيح الناصري عليه السلام) فهو يوضح نظرتنا إلى المسيح الناصري عليه السلام

الأحد، 20 يوليو 2014

أقوال للمسيح الموعود عليه السلام في تفسير علامات آخر الزمان

ضرورة تأويل النبوءات
فثبت من قوله عز وجل .. أعني {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا في مِرْيَةٍ مِنْهُ} أن العلامات القطعية المزيلة للمِرية، والأمارات الظاهرة الناطقة الدّالة على قُرب القيامة.. لا تظهر أبدا، وإنما تظهر آيات نظرية التي تحتاج إلى التأويلات، ولا تظهر إلا في حُلل الاستعارات، وإلا فكيف يمكن أن تنفتح أبواب السماء وينزل منها عيسى أمام أعين الناس وفي يده حربة، وتنزل الملائكة معه، وتنشقّ الأرض وتخرج منها دابّة عجيبة تكلِّم الناسَ أن الدين عند الله هو الإسلام، ويخرج يأجوج ومأجوج بصورهم الغريبة وآذانهم الطويلة، ويخرج حمار الدجّال ويرى الناس "بين أذنيه سبعون باعا"، ويخرج الدجّال ويرى الناس الجنةَ والنار معه والخزائن التي تتبعه، وتطلُع الشمس من مغربها كما أخبر عنها رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، ويسمع الخَلق أصواتا متواترة عن السماء أن المهدي خليفة الله، ومع ذلك يبقى الشك والشبهة في قلوب الكافرين. ولأجل ذلك كتبتُ في كتبي غير مرة أن هذه كلها استعارات وما أراد الله بها إلا ابتلاء الناس ليعلم من يعرفها بنور القلب ومن يكون من الضالين. ولو فرضنا أنها تظهر بصورها الظاهرة فلا شك أن من ثمراتها الضرورية أن يرتفع الشك والشبهة والمِرية من قلوب الناس كلهم كما يرتفع في يوم القيامة، فإذا زالت الشكوك ورُفعت الحجب فأيُّ فرقٍ بقي بعد انكشاف هذه العلامات المهيبة الغريبة في تلك الأيام وفي يوم القيامة؟ انظر أيها العاقل.. أنه إذا رأى الناس رجلا نازلا من السماء وفي يده حربة ومعه ملائكة الذين كانوا غائبين من بدء الدنيا وكان الناس يشكّون في وجودهم، فنزلوا وشهدوا أن الرسول حق، وكذلك سمع الناس صوت الله من السماء أن المهدي خليفة الله، وقرأوا لفظ "الكافر" في جبهة الدجّال، ورأوا أن الشمس قد طلعت من المغرب، وانشقّت الأرض وخرجت منها دابة الأرض التي قدمه في الأرض ورأسه تمسّ السماء، ووسَمت المؤمن والكافر، وكتبتْ ما بين عينهم مؤمن أو كافر، وشهدت بأعلى صوتها بأن الإسلام حق، وحصحص الحق وبرق من كل جهة، وتبينت أنوار صدق الإسلام حتى شهد البهائم والسباع والعقارب على صدقه، فكيف يمكن أن يبقى كافر على وجه الأرض بعد رؤية هذه الآيات العظيمة، أو يبقى شك في الله وفي يوم الساعة؟ فإن العلوم الحسّية البديهة شيء يقبله كافر ومؤمن، ولا يختلف فيه أحد من الذين أُعطوا قوى الإنسانية؛ مثلاً إذا كان النهار موجودا والشمس طالعة والناس مستيقظين فلا يُنكره أحد من الكافرين والمؤمنين. فكذلك إذا رُفعت الحجب كلها، وتواترت الشهادات، وتظاهرت الآيات، وظهرت المخفيّات، وتنزلت الملائكة، وسُمعتْ أصوات السماء، فأي تفاوُت بقيت  بين تلك الأيام وبين يوم القيامة، وأي مفر بقي للمنكرين؟ فلزم من ذلك أن يُسلِم الكفار كلهم في تلك الأيام، ولا يبقى لهم شك في الساعة؛ ولكن القرآن قد قال غير مرة إن الكفار يبقون على كفرهم إلى يوم القيامة، ويبقون في مِريتهم وشكّهم في الساعة حتى تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون. ولفظ "البغتة" تدل بدلالة واضحة على أن العلامات القطعية التي لا يبقى شك بعدها على وقوع القيامة لا تظهر أبدا، ولا تجليها  الله بحيث تُرفع الحجب كلها وتكون تلك الأمارات مرآة يقينية لرؤية القيامة، بل يبقى الأمر نظريا إلى يوم القيامة، والأمارات تظهر كلها ولكن لا كالأمر البديهي الذي لا مفر من قبوله، بل كأمور ينتفع منها العاقلون، ولا يمسّها الجاهلون المتعصبون، فتدبَّرْ في هذا المقام فإنه تبصرة للمتدبرين. (حمامة البشرى)

يأجوج ومأجوج والدجال: 
وقالوا إن المسيح الموعود لا يجيء إلا في وقت خروج الدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، وما نرى أحدا منهم خارجا، فكيف يجوز أن يستقدم المسيح وهم يستأخرون؟ أما الجواب، فاعلموا.. أرشدكم الله تعالى.. إن هذان لاسمان لقوم تفرّق شعبهم في زماننا هذا آخرِ الزمان وهم في وصف متشاركون. وهم قوم الروس وقوم البراطنة وإخوانهم، والدجال فيهم فَيجُ قسيسين ودعاةُ الإنجيل الذين يخلطون الباطل بالحق ويدجلون. واعتدت لهم الهند متكأ، وحقت كلمة نبينا صلى الله عليه وسلم أنهم يخرجون من بلاد المشرق، فهم من مشرق الهند خارجون. ولو كان الدجال غير ما قلنا، وكذلك كان قوم يأجوج ومأجوج غير هذا القوم، للزم الاختلاف والتناقض في كلام نبي الله صلى الله عليه وسلم . وأيم الله إن كلام نبينا منزه عن ذلك، ولكنكم أنتم عن الحق مبعدون. ألا تقرؤون في أصح الكتب بعد كتاب الله أن المسيح يكسر الصليب؟ ففي هذا إشارة بيّنة إلى أن المسيح يأتي في وقت قوم يعظّمون الصليب.. ألا تفهمون؟ وقد تبين أنهم أعداء الحق، وفي أهوائهم يعمهون. وقد تبين أنهم ملكوا مشارق الأرض ومغاربها ومن كل حدب ينسِلون. وقد تبينت خياناتهم في الدين وفتنهم في الشريعة، وفي كل ما يصنعون. أترون لدجالكم المفروض في أذهانكم سعةَ موطئِ قدم في الأرض ما دام فيها هؤلاء؟ فالعجب من عقلكم! من أين تنحتون دجالا غير علماء هذا القوم، وعلى أي أرض إيّاه تسلّطون؟ ألا تعلمون أن المسيح لا يجيء إلا في وقت عبدة الصليب، فأنى تؤفَكون؟ ألا ترون أن الله تعالى مكّن هذه الأقوام في أكثر الأرض وأرسل السماء عليهم مدرارًا، وآتاهم من كل شيء سببا، وأعانهم في كل ما يكسبون؟ فكيف يمكن معهم غيرهم الذي تظنون أنه يملك الأرض كلها؟ يا عجبا لفهمكم! أأنتم مستيقظون أم نائمون؟ أنسيتم أنكم قد أقررتم أن المسيح يأتي لكسر الصليب؟ فإذا كان الدجال محيطًا على الأرض كلها، فأنى يكون من الصليب وملوكه أثر معه.. ألا تعقلون؟ ألا تعلمون أن هذان نقيضان فكيف يجتمعان في وقت واحد أيها الغافلون؟ وإن زعمتم أن الدجال يكون قاهرا فوق أرض الله كلها غير الحرمين، فأي مكان يبقى لغلبة الصليب وأهل الصليب، أأنتم تثبتونه أو تشهدون؟ ما لكم لا تفهمون التناقض؟ وأفضَى بعض أقوالكم إلى بعض يخالفها، ودجلتم في أقوال رسول صلى الله عليه وسلم ثم أنتم على صدقكم تحلفون. وتُضِلّون الذين ضعفوا قلبًا ولُبًّا وعقلا، وتزيّنون باطلكم في أعينهم، وتزيدون على أقوال الله ورسوله وتنقصون. لن تستطيعوا أن ترفعوا هذه الاختلافات، أو توفّقوا وتطبّقوا ولو حرصتم، ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا، فلا تميلوا كل الميل إلى الباطل وأنتم تعلمون. (التبليغ)

دابة الأرض:
إن المراد من دابة الأرض علماء السوء الذين يشهدون بأقوالهم أن الرسول حق والقرآن حق، ثم يعملون الخبائث ويخدمون الدجّال، كأن وجودهم من الجزئين.. جزء مع الإسلام وجزء مع الكفر، أقوالهم كأقوال المؤمنين، وأفعالهم كأفعال الكافرين. فأخبر رسول الله  صلى الله عليه وسلم  عن أنهم يكثرون في آخر الزمان، وسُمُّوا دابة الأرض لأنهم أخلدوا إلى الأرض، وما أرادوا أن يُرفعوا إلى السماء، واطمأنوا بالدنيا وشهواتها، وما بقي لهم قلب كالإنسان، واجتمعت فيهم عادات السباع والخنازير والكلاب. تراهم مستكبرين متبخترين كأنهم بلغوا السماء ومسّوها، ولم تخرج أرجلهم من الأرض من شدة انتكاسهم إلى الدنيا، فهم كالذي شُدِّدَ أَسْرُه وكالمسجونين. يكلّمون الناس من الإست لا من الأفواه، يعني ولا تجد في كلماتهم طهارة وبركة واستقامة ونورانية ككلمات الصالحين (حمامة البشرى)
فالحاصل أن الطاعون قد لازم هذه الديار ملازمة الغريم، أو الكلب لأصحاب الرقيم. وما أظنّ أن يُعدَم قبل سنين، وقد قيل: عمر هذه الآفة إلى سبعين. وإنها هي النار التي جاء ذكرها في قول خاتم النبيين، وفي القرآن المجيد من رب العالمين، وإنها خرجت من المشرق كما رُوي عن خير المرسلين، وستحيط بكل معمورة من الأرضين، وكذلك جاء في كتب الأولين، فانتظر حتى يأتيك اليقين. فلا تسأل عن أمرها فإنه عسير، وغضبُ الرب كبير، وفي كل طرف صراخ وزفير، وليس هو مرض بل سعير. وتلك هي دابّة الأرض التي تكلِّم الناسَ فهم يجرحون، واشتد تكليمها فيُغتال الناس ويُقعَصون بما كانوا بآيات الله لا يؤمنون (مواهب الرحمن، ص 21 22)

وإذا الجبال سيِّرت: 
والجبال دُكّت، والبحار فُجّرت، والنفوس زُوّجت، وجُعلت الأرض كأنها مطويّة ومزلف طرفيها، وتُركت القِلاص فلا يُسعى عليها. وليس هذا محلّ إلباس، بل أرصده الله لخير الناس، ولو كان من صنع الدجّالين. فهذه المراكب جارية مذ مُدّة، وليست سواها قعدة، وفيها آيات للمتفطنين.
فثبت من هذا البيان أن هذا هو وقت ظهور المهدي ومسيح الزمان، فإن الضلالة قد عمّت، والأرض فسدت، وأنواع الفتن ظهرت، وكثرت غوائل المفسدين. وكل ما ذُكر في القرآن من علامات آخر الزمان فقد بدت كلها للناظرين. (سر الخلافة)

وجمع الشمس والقمر:
ثم أستفتيكم مرّةً ثالثة أيها العالمون.. إن هذا الرجل الذي سمعتم ذكره وذكر ما منّ الله عليه.. قد أعطاه الله آيات أُخرى دون ذلك لعلّ الناس يعرفون. منها أن الشّهب الثواقب انقضّتْ له مرّتان، وشهد على صدقه القمران، إذا انخسفا في رمضان، وقد أخبر به القرآن، إذ ذكرهما في علامات آخر الزمان، ثم الحديثُ فصّل ما كان مجملاً في الفرقان، وقد أنبأ الله بهما هذا العبد كما هي مسطورة في "البراهين" قبل ظهورها يا فتيان، إنّ في ذلك لآية لمن كانت له عينان. فبيِّنوا توجَروا.. أهذا فعل الله أو تقوُّل الإنسان؟ (الاستفتاء)

علامات أخرى عديدة:
فلا تفهموا من هذه الأنباء مدلولها الظاهر، ولا تعرضوا عما تشاهدون. واعلموا أن لكلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم شأنا أرفع وأعلى، ولا يفهمها إلا الذي رزقه الله رزقًا حسنا من المعارف، وأعطاه قلبًا يفهم، وعينًا تبصر، وأذنا تسمع، فهو على بصيرة من ربه... ومن علامات آخر الزمان التي أخبر الله تعالى منها في القرآن واقعات نادرة تشاهدونها في هذا الزمان وتجدون. وقد بيّن لنا علاماته وقال: إذا الجبال سيِّرت، وإذا البحار فجِّرت، وإذا العِشار عطِّلت، وإذا النفوس زوِّجت، وإذا الصحف نُشرت. إذا زلزلت الأرض... الآية، وإذا الأرض مُدّت، وألقت ما فيها وتخلَّتْ، وإذا الكواكب انتثرت، وإذا الوحوش حُشرت. وفي كل ذلك أنباء آخر الزمان لقوم يتفكرون.
أما تسيير الجبال فقد رأيتم بأعينكم أن الجبال كيف سيّرت وأزيلت من مواضعها وخيامُها هدِّمت، وقُنونها لاقتِ الوِهاد وصفوفُها تقوضت، تمشون على مناكبها وتأفَدون.
وأما تفجير البحار فقد رأيتم أن الله بعث قوما فجّروا البحار وأجرَوا الأنهار وهم على تفجيرها مداومون. وأحاطوا على دقائق علم تفجير الأنهار وأفاضوها على كل واد غير ذي زرع، ليعمروا الأرض ويدفعوا بلايا القحط من أهلها وكذلك يعملون، لينتفعوا من الأرض حق الانتفاع فهم منتفعون.
وأما تعطيل العشار فهو إشارة إلى وابور البر الذي عطّل العِشار والقِلاص فلا يُسعى عليها، والخلق على الوابور يركبون. ويحملون عليه أوزارهم وأثقالهم، وكطيِّ الأرض من مُلك إلى ملك يصلون. ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون. جعل الله على قلوبهم أكنة أن يفقهوا أسراره، وفي آذانهم وقرا فهم لا يسمعون. وإذا وجدوا صنعة من صنائع الناس.. ولو من أيدي الكفرة.. يأخذونها لينتفعوا بها، وإذا رأوا صنعة رحمة من الله فيردّون.
وأما تزويج النفوس فهو على أنحاء.. منها إشارة إلى التلغراف الذي يُمِدّ الناس في كل ساعة العسرة، ويأتي بأخبار أعزّة كانوا بأقصى الأرض، فينبئ من حالاتهم قبل أن يقوم المستفسر من مقامه، ويُدير بين المشرقي والمغربي سؤالا وجوابا كأنهم ملاقون. ويخبر المضطرين بأسرع ساعة من أحوال أشخاص هم في أمرهم مشفقون. فلا شك أنه يزوّج نفسَين من مكانين بعيدَين، فيكلم بعضهم بالبعض كأنه لا حجاب بينهم وكأنهم متقاربون.
ومنها إشارة إلى أمن طرق البحر والبر ورفع الحرج، فيسير الناس من بلاد إلى بلاد ولا يخافون. ولا شك أن في هذا الزمان زادت تعلقات البلاد بالبلاد، وتعارف الناس بالناس فهم في كل يوم يزوَّجون. وزوّج الله التجار بالتجار، وأهل الثغور بأهل الثغور، وأهل الحرفة بأهل الحرفة، فهم في جلب النفع ودفع الضرر متشاركون. وفي كل نعمة وسرور، ولباس وطعام وحبور، متعاونون. ويُجلَب كل شيء من خِطّة إلى خطة، فانظر كيف زوّج الناس كأنهم في قاربٍ واحدٍ جالسون.
ومن أسباب هذا التزويج سير الناس في وابور البر والبحر، فهم في تلك الأسفار يتعارفون. ومن أسبابه مكتوبات قد أُحسنت طرق إرسالها، فترى أنها ترسل إلى أقاصي الأرض وأرجائها، وإن أمعنت النظر فتعجبك كثرة إرسالها، ولن تجد نظيرها في أول الزمان، وكذلك تعجبك كثرة المسافرين والتجارين. فتلك وسائل تزويج الناس وتعارفهم، ما كان منها أثر من قبل وإني أنشدتُكم الله.. أرأيتم مثلها قبل هذا أو كنتم في كتب تقرؤون؟
وأما نشر الصحف فهو إشارة إلى وسائلها التي هي المطابع، كما ترى أن الله بعث قومًا أوجدوا آلات الطبع، فكأين مِن مطبع يوجد في الهند وغيره من البلاد. ذلك فعل الله لينصرنا في أمرنا، وليشيع ديننا وكتبنا، ويبلغ معارفنا إلى كل قومٍ لعلهم يستمعون إليه ولعلهم يرشدون.
وأما زلزلة الأرض وإلقاؤها ما فيها فهي إشارة إلى انقلاب عظيم ترونه بأعينكم، وإيماء إلى ظهور علوم الأرض وبدائعها وصنائعها، وبدعاتها وسيئاتها، ومكايدها وخدعاتها، وكل ما يصنعون.
وأما انتثار الكواكب فهو إشارة إلى فتن العلماء وذهاب المتقين منهم، كما أنكم ترون أن آثار العلم قد امتَحتْ وعفَتْ. والذين كانوا أوتوا العلم فبعضهم ماتوا وبعضهم عمُوا وصمّوا، ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا، وكثير منهم فاسقون، والله بصير بما يعملون.
وأما حشر الوحوش فهو إشارة إلى كثرة الجاهلين الفاسقين، وذهاب الديانة والتقوى، فترون بأعينكم كيف نزَح بِيرُ الصلاح وأصبح ماؤه غورا، وأكثر الخَلق يسعون إلى الشر وفي أمور الدين يُدهِنون. إذا رأوا شرًّا فيأخذونه، وإذا رأوا خيرًا فهم على أعقابهم ينقلبون. ينظرون إلى صنائع الكفرة بنظر الحب، وعن صنع الله يعرضون.
أيها الناس.. انظروا إلى آلاء الله.. كيف جدّد زمنكم، وأبدعَ هيئةَ دهركم، وأترعَ فيه عجائب ما رأتها أعين آبائكم ولا أجدادكم، وأنتم بها تُترَفون. وعلّم أهلَ أروبا صنعةَ وابور البرّ إهداءً لكم ولعشيرتكم لعلكم تشكرون. انظروا إليها كيف تجري بأمره في البراري والعمران، تركبونها ليلا ونهارا، وتذهبون بغير تعب إلى ما تشاءون. وكذلك فهّم أهلَ المغرب صنائع دون ذلك من آلات الحرث والحرب، والعمارات والطحن واللبوس، وأنواع أدوات جر الثقيل، وما يتعلق بتزيينات المدن والمنازل وتسهيل مهماتها، فأنتم ترغبون فيها وتستعملون. وتجدون في كل شهر وسنة من إيجادات غريبة نادرة، لم تر عينكم مثلها، فمنها ما يُمِدُّكم في عيشتكم، وتنجيكم من شِقّ الأنفس، كصناديق طاقة الكبريت التي بها توقدون، وكزيت الغاز الذي منه مصابيحكم تنيرون. ومنها صنائع هي زينة بيوتكم، فتأخذونها وأنتم مستبشرون. (التبليغ)

ثلاثون دليلا على صدق المسيح الموعود عليه السلام

الدليل الأول: حاجة العصر
الحالة التي كان عليها عصر المسيح الموعود عليه السلام هي الحالة القصوى لغَلَبَة الصليب وانتشار الديوثية والإباحية والإلحاد والفسوق والفساد، فلم يسبق تاريخا أنْ كان مثل ذلك، كما أنّ سنوات ما بعد ذلك بدأت تشهد تراجعا في ذلك كله، وبدأ الناس يميلون نحو التديّن والالتزام. والله تعالى يبعث الرسل حين يكون الفساد في أشدّه؛ فكان لا بدّ من بعثة المسيح المهدي في ذلك الزمان. 
أحاط الناسَ مِن طَغوَى ظلامٌ              علامات بها عُرِفَ الإمامُ

الدليل الثاني: نبوءات القرآن والحديث والكتاب المقدس
هناك نبوءات قرآنية تحدِّد ظروف خروج المسيح الموعود وعِرقيته كما في أوائل سورة الجمعة والحديث الذي يفسرها في البخاري، ونبواءت تتحدث عن خروج يَأْجُوج وَمَأْجُوج الذي تحقَّق في الاستعمار الذي عاصر المسيح الموعود عليه السلام، وهناك نبوءات تبين تفاصيل ظروف بعثة المسيح المهدي عليه السلام، كما يظهر ذلك من عديد من سور جزء عمّ، خصوصا سورة التكوير. 
ومن نبوءات النبي صلى الله عليه وسلم نبوءات متعلقة بنـزول المسيح والإمام المهدي وبظروف بعثته، مثل كسر الصليب، وقتل الخنزير، ووضع الجزية، والخسوف والكسوف في رمضان، وولادة ابن مميز له، وغير ذلك الكثير الكثير. 

الدليل الثالث: أخلاق المسيح الموعود عليه السلام قبل بعثته
كان المسيح الموعود عليه السلام منذ بداية نشأته معروفا بالصدق والتقوى وحب الخلوة وعدم الميل إلى الشهرة، وقد شهد على ذلك خصومه وأتباعه، كما أنه عليه السلام تحدى الآخرين أن يأتوا بما ينقض ذلك، فقال: "إنكم لا تستطيعون أن تجدوا عليّ ذنبا ولا كذبا ولا افتراءً ولا خداعا في سابق حياتي، فيُقال إن شخصا كان قد تعَوّد على الكذب والافتراء وقد أضاف الآن إلى كذبه كذبة أخرى. أيّكم يستطيع أن يجد عيبًا في أي أمر من أمور حياتي السابقة؟ لقد شملني فضل الله تعالى منذ نعومة أظفاري، فأقام حياتي على التقوى، وإن في ذلك لآية للمتفكرين". (تذكرة الشهادتين)

الدليل الرابع: ثقته المطلقة بصدق الوحي النازل عليه
وقد تجلّى ذلك في قوله عليه السلام بقضايا كبيرة خالف فيها ما كان عليه شبه إجماع، مثل انقطاع الوحي، وحياة المسيح في السماء، والمهدي الدموي، والدجال الرجل. كما أنه عليه السلام تنبأ بنبوءات قصيرة الأجل جدا. وغير ذلك. 

الدليل الخامس: ثقة صحابته المطلقة بصدقه
يبدأ النبي دعوته وليس بيده مال ولا زعامة ولا سلطة ولا منفعة دنيوية. وليس هذا فحسب، بل يتعرض المؤمنون به للسخرية والاضطهاد والقتل وضياع المال والمناصب والمكانة الاجتماعية؛ أي أنه لا فائدة دنيوية تُرجى من اتباعه، بل لا بد من التعرض للمخاطر. لذا فلا يمكن القول إنّ أتْباعه قد آمنوا به طمعًا في مغانم دنيوية. وهذا يُعدّ شهادة من المعاصرين للنبي على صدقه وعلى وحيه، وشهادتهم هذه تُنقل بالتواتر إلى مَن بعدهم، وهكذا. وقد استشهد بعض صحابة المسيح الموعود عليه السلام وهم ثابتون على إيمانهم، وبعضهم تخلّى عن ممتلكاته كلها وهاجر الى قاديان، وكثير منهم تبرعوا بجزء كبير من أموالهم لنشر الإسلام، وتعرضوا للاستهزاء والطرد ومختلف أنواع الاضطهاد بصبر عزّ نظيره. 

الدليل السادس: هلاك المتقول ودعوته
يقول الله تعالى (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنـه بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنـه الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنـه حَاجِزِينَ). أي أن اللـه تعالى يهلك المتقول عليه ودعوته. وقد ظلّ المسيح الموعود عليه السلام يؤكد على هذا ويتحدى خصومه أنه لن يُقتل وأن دعوته لن تنتهي. 
إنّ معارضة هذا القول والزعم بعدم القضاء على دعوة المتقوِّل يتضمن إساءة ظن بالله حيث يرونه يسكت على من يتقوّل عليه، وأنه سبحانه لا يريد الهداية للناس. كما يتضمن هدم دليل من أدلة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم الهامة والذي احتجّ به صلى الله عليه وسلم. 

الدليل السابع: انتصاره عليه السلام رغم المحاولات المستميتة لقتله وقتل دعوته
تمتاز دعوة الأنبياء بأنها تصدم كثيرا من الناس، لأنها تنتقد عقائدهم وأخلاقهم بشدة، لأنها تقول لهم لا خير فيما أنتم فيه. لذا فإن الناس يعارضونها بشدة، ويسعون لِوَأْدها في مهدها. ولكنها تنجح رغم كل هذه المحاولات، لأن الله تعالى وعد بذلك حين قال (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي). وهذا ما حدث تماما مع دعوة المسيح الموعود عليه السلام، حيث سعى لقتله الكثير من أصحاب النفوذ، وصدرت بحقه فتاوى التكفير، ورُفعت ضده قضايا خطيرة في المحاكم، ولكن الله نصره على كل هؤلاء.  

الدليل الثامن: التجديد التكاملي
كان الفكر الإسلامي قد وصل إلى مرحلة بحيث يمكن تقسيمه إلى قسمين: القسم الخرافي والقسم الدموي؛ فقد كان الجميع يؤمن بعلامات خرافية للقيامة، وبصعود خرافي للمسيح إلى السماء، وبتفسيرات أسطورية لقصص النبيين لا يُستفاد منها عبرة ولا موعظة. كما كانوا يؤمنون بانقطاع الوحي الإلهي، ويهتمون بالقشور على حساب اللُّب، ويبيحون الكذب تحت مسمى التورية، ويبيحون الخداع تحت مسمى الحيل الشرعية. كما كان الإسلام يتعرّض لحرب رهيبة من الدجال الذي استغلّ فكر القسوة وفكر الخرافة ليطعن في الدين ويعمل على هدمه من جذوره. 
في ظل ذلك كله بعث الله المسيح الموعود عليه السلام، فأتى بتصحيحات متكاملة تضع كل شيء في مكانه المناسب وحلّ كل الإشكالات. ويمكن مراجعة كتبه عليه السلام للتوسع. 

الدليل التاسع: معجزة تعلم اللغة العربية
 هذه المعجزة قد تحققت عمليًّا؛ أي من خلال كتاباته عليه السلام المعروفة ببلاغتها وبرِفعة مضمونها، كما تحققت من خلال التحدي وهزيمة الخصوم في قبوله. 
لم يكن المسيح الموعود عليه السلام يعرف من العربية إلا ما يتعلمه أي مسلم عادي؛ من قراءة للقرآن ومن قراءة عادية لا تُنتج كاتبا. لقد كان عليه السلام من قرية نائية، ولم يكن قريبا من المدن الكبيرة ذات المعاهد والمدارس الدينية. ومع هذا كتب أكثر من عشرين كتابا ضمّنها أكثر من 3000 بيت شعر عمودي مما يحمل مضامين عظيمة ببلاغة وصلت الذروة. 

الدليل العاشر: الخسوف والكسوف 
ورد في الروايات أن من علامات ظهور المهدي خسوف وكسوف في رمضان، بحيث يكون خسوف القمر في الليلة الثالثة عشرة، والكسوف في اليوم الثامن والعشرين من رمضان، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذه العلامة لم تكن علامة على صدق مبعوث من عند الله من قبل. وقد تحققت هذا الخسوف في 21-3-1894، وتحقق الكسوف في 6-4-1894. وكان الجوّ صحوا والسماء صافية، ورأى الناس هذه العلامة بوضوح. ثم تكرر ذلك في السنة الثانية، أي في عام 1895 في النصف الثاني من الكرة الأرضية. وهذا نص أهمّ رواية في ذلك: إِنَّ لِمَهْدِينَا آيَتَيْنِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ تَنْكَسِفُ الْقَمَرُ لأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَتَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِى النِّصْفِ مِنْهُ وَلَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ. (الدارقطني) 

الدليل الحادي عشر: الطاعون في وقته والنجاة منه وهلاك الأعداء به
أوجه الإعجاز في آية الطاعون عديدة، منها: 1: أنها نبوءة من المسيح الموعود عليه السلام أن الطاعون سيتفشى قريبا في البنجاب. 2: أنه سيكون عقابا للمكذبين. 3: أنه عليه السلام سينجو ومن معه منه رغم عدم التطعيم. 4: أن التطعيم نفسه لن يكون فيه فائدة. 5: ثم تنبأ عليه السلام عن انحسار الطاعون وانتهائه. 6:  كما تنبأ أن الطاعون لن يجتاح قاديان ولن يقضي عليها. 7: أنه عليه السلام قال: لو أعلن شخص أن بلده ستنجو من هذا الطاعون فسيدمرها الله. ولم يجرؤ أحد على أن يباريه في هذا التحدي. فجاء هذا الطاعون بعد آية الخسوف والكسوف، وتحقق كل ما سبق. 

الدليل الثاني عشر: الزلازل 
من علامات الزمن الأخير الذي يظهر فيه المسيح الموعود عليه السلام كثرة الزلازل وشدتها، فقد قال الله تعالى {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ... (البخاري). وكان المسيح الموعود عليه السلام قد تنبأ بكثرة الزلازل في حياته وبعد وفاته. وإن نظرةً سريعة على خرائط الزلازل ترينا أنه منذ القرن التاسع عشر أخذت الزلازل تكثر جدًّا؛ ففي حين لم يكن يحدث إلا زلزال واحد خلال مائة سنة أو خمسين في القرون السالفة، صارت الزلازل المدمرة تحدث كل سنة أو كل عدد من السنوات بعد ذلك. 

الدليل الثالث عشر: معجزة الشفاء 
هناك العديد من قصص شفاء المرضى التي حدثت على يد المسيح الموعود عليه السلام وبفضل أدعيته الحارة لله تعالى، وفي عدد من هذه الحالات كانت أشبه بإحياء الموتى، ونكتفي هنا بمثالين: 1: قصة عبد الكريم الذي عضّه كلب مسعور وكتب الأطباء أنه لا أمل في نجاته، 2: قصة ميان عبد الرحيم خان الذي تلقى فيه المسيح الموعود عليه السلام وحي: "إنك أنت المُجاز". 

الدليل الرابع عشر: كثرة النبوءات وتحققها
يقول الله تعالى {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}؛ فالله هو عالم الغيب وحده، وهو يُطلع رسله على الأنباء الغيبية بكثرة، فالإظهار على الغيب هو الإطلاع بكثرة. وقد تنبأ المسيح الموعود عليه السلام بأمور لا تُحصى؛ فقد أنبأه الله تعالى بأن عمره سيطول حتى يبلغ الثمانين أو قريبا من ذلك، ونبأه بنجاته من الأعداء رغم كثرتهم ورغم تآمرهم عليه من كل حدب وصوب. وتنبأ بولادة أبنائه واحدا واحدا، خصوصا المصلح الموعود منهم الذي صار خليفته الثاني، وتنبأ عن بداية الطاعون وعن انتشاره ثم عن نهايته، وتنبأ عن هلاك كبار الخصوم في مباهلات، وعن أبدال الشام وصلحاء العرب. والأهم من ذلك كله التحدي الذي أطلقه في مواجهة المشككين في النبوءات بأن يبارزوه في ذلك. 

الدليل الخامس عشر: المباهلات
المباهلة تعني أَن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا لَعْنَةُ الله على الكاذب منا. وقد هلك كلّ من تجرّأ وباهل المسيح الموعود عليه السلام، مثل المولوي غلام دستكير القصوري، والمولوي جراغ الدين الجموني، والمولوي عبد الرحمن محيي الدين اللكوكي، وسعد الله. ومن المباهلات ما كان شهيرا جدا، لأنها تعلقت بأناس كتبت عنهم الصحف وكانوا ذوي شهرة، مثل ليكرام الهندوسي ودوئي الأميركي المسيحي وعبد الله آثم المتنصر... 
الدليل السادس عشر: تشابه جماعته عليه السلام بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم 
يقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}، فقد أنتج كلّ نبيٍّ جيلا من الأتباع الأتقياء الأنقياء الأصفياء، من الذين ألَّف الله بين قلوبهم، والرحماء فيما بينهم الأشداء على الكفار، المعروفين بالتضحية بكل ما يملكون.. والشجرة تُعرف بأثمارها.

الدليل السابع عشر: تحقق الهدف من بعثة أي نبي
ببعثة الأنبياء تحدث تزكية النفوس ويحدث انقلاب عظيم في أتباعهم فتحدث نهضة أخلاقية وروحانية ومعرفية. وإن السكينة والطمأنينة لا تنـزل على أتباع كذاب، بل لا يحظى بهذه البركة إلا أتباع الأنبياء. وتحققُ هذا الهدف فيمن أعلن أن الله أرسله لهو دليل على كونه صادقا. وهذا الانقلاب حدث في ألوف من الناس ممن بايعوا على يد المسيح الموعود عليه السلام في زمنه ولا يزال يحدث وهو مشهود حتى يومنا هذا. 
الدليل الثامن عشر: المسيح الموعود له مثال سابق بالأنبياء، ومعارضوه لهم مثال سابق بمعارضي الأنبياء
يؤمن خصومنا بما ليس له مثال سابق، أما نحن فإن إيماننا كلّه له أمثلة سابقة، وهو وفق سنن الله. فخصومنا يؤمنون بالدجال الذي لم يسبق له مثيل، وبيأجوج ومأجوج الذي لم يسبق لهم مثيل، وبكثير من علامات الساعة التي لم يسبق لها مثيل. ينتظرون شخصا ينزل من السماء وما لذلك من نظير خلا، ونحن نؤمن بنزول يشابه نزول يحيى باسم إيليا، وهم يريدون موعودا بصفات اشترطوها وفهموها خطأً فماثلوا مسلك اليهود مع مسيحهم. يقول المسيح الموعود عليه السلام: "خصمان تخالفا في رأيهما، فأحدهما متمسك بنظير مثله، والآخر لا نظير عنده أصلا؛ فأي الخصيمَين أقرب إلى الصدق؟ انظروا بأعين المنصفين". 

الدليل التاسع عشر: (ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك)
تُهَمُ خصوم المسيح الموعود عليه السلام ضده تماثل تُهم خصوم الأنبياء ضدهم عبر التاريخ؛ ومنها الاتهام بالجنون والسحر وعدم الإتيان بآية والكهانة والتنجيم والعمالة وسوء عاقبة الموت وتوعّده بالهلاك وأنه يسرق العلم من غيره إضافة إلى تطيرهم به ومواجهتهم تحديه بأنهم قادرون على الإتيان بالمثل دون أن يكونوا على ذلك قادرين.

الدليل العشرون: الوسطية
يقول الله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، فالإسلام هو دين الوسط بين تفريط المسيحية وإفراط اليهود، والفكر الإسلامي الذي دعا إليه المسيح الموعود عليه السلام هو وسط بين مختلف الفرق الإسلامية، فهو وسط بين السنة والشيعة، وبين أهل الحديث وأهل القرآن، وبين الروافض والنواصب، وبين العقل والنقل، وبين الصوفية والأحزاب السياسية، وبين الصوفية والسلفية القشرية، وبين خرافة فهم المسائل الدينية وإنكارها المطلق، وبين من يلغي نـزول المسيح وبين من يؤمن أنه في السماء، وبين منكري الوحي مطلقا والمبالغين فيه إلى حد الهوس...

الدليل الحادي والعشرون:  الاضطهاد الكبير لمجرد الإيمان الذي تعرض له المسيح الموعود عليه السلام وتعرضت له جماعته في زمنه ومن بعده ولا تزال
يقول الله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} 
فمن مظاهر معاداة المسيح الموعود عليه السلام محاولات القتل بالاغتيال والتحريض على الاغتيال، ورفع القضايا المزوَّرة العديدة في المحاكم بقصد سجنة أو قتله، وفتاوى التكفير المحرضة على القتل والعداء والمقاطعة والكراهية، والتشويه عبر الكذب الفاضح، وتعاون المشايخ مع النصارى والهندوس ضده وجماعته في الماضي والحاضر... ولكن الله عز وجل يقول: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.
 الدليل الثاني والعشرون:  تواتر رؤى الصالحين
تواترت الرؤى حتى تكاد لا تُحصى؛ فمنهم من يرى صورة المسيح الموعود عليه السلام مع أنهم لم يروه من قبل قط، ومنهم من يرى خليفة أو خلفاء أو علماء ولم يكونوا قد رأوهم من قبل، أو يُروا خليفة قبل انتخابه ولم يكونوا يعرفون اسمه من قبل، أو يسمعوا صوتا يطالبهم بالبيعة، وما شابه ذلك... وغالبية هذه الرؤى أصحابها من الصالحين. فيستحيل أن يكون مصدر كل ذلك غير الله تعالى. 

الدليل الثالث والعشرون: تنبؤ بعض الأكابر بكون مرزا غلام أحمد هو المسيح الموعود بذكر اسمه قبل ولادته أو وصوله سن البلوغ أو بذكر اسم قريته أو زمانه
لقد أنبأ الله بعض الصالحين الذين عاشوا قبل المسيح الموعود عليه السلام عن بعثته فدوّنوا ذلك في كتبهم أو نقلوه وأخبروا به طلابهم وأتباعهم؛ فمنهم من ذكر اسمه واسم قريته صراحة قبل قرابة 30 سنة من بعثته وما سيقوم به من إصلاح وما سيواجهه من عداء ومعاندة، ومنهم من ذكر ظروف ولادته وأصله وسنة بعثته قبل قرون من ولادته.

الدليل الرابع والعشرون: قوة التأثير في الأتباع
قوة التأثير لا يتمتع بها الكاذب، فسيماهم في وجوههم، فإن كثيرا من الناس آمنوا بالأنبياء بمجرد رؤيتهم، وهذا لا يتأتى لأي كاذب، فهذا دليل على صدق أي نبيّ.
يقول المسيح الموعود عليه السلام: 
في وجهنا نور المهيمن لائح         إن كان فيكم ناظر متوسم
والروايات التي تذكر هذا التأثير كثيرة وعبَّر عنها حتى الأغيار الذين عاصروه عليه السلام، وكم من شخص ما كان يريد رؤيته بعدما سمع عنه الأقاويل ثم عندما رأى محياه غُسِل قلبه وزالت الشبهات وقال عفويا إن هذا الوجه ليس بوجه كاذب، وكم من شخص بايع وصدق بمجرد رؤية وجهه دون حاجة إلى أدلة ومحاججة، فأنى يكون ذلك لكاذب؟!

الدليل الخامس والعشرون: آيات أراها الأتباع: 
يجب أن يظهر على يد التلاميذ ما يظهر على يد النبيّ وإن كان بصورة ظليّة جزئية. 
إن صفات كل نبيّ ومعجزاته تنعكس في أفراد من أمته من الذين يصطبغون بصبغته ويفنَوْن فيه. لقد أرى أتباع المسيح الموعود عليه السلام آيات كثيرة في استجابة الدعاء، وفي الشفاء، وثبت أن بعضهم تلقى كثيرا من الرؤى الصادقة والكشوفات الواضحة... 

الدليل السادس والعشرون: الدليل الأخلاقي
يقول الله تعالى واصفا رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم (وإنك لعلى خلق عظيم). فالنبي لا بد أن يكون على أعلى مستوى من الأخلاق وأن يكون نموذجا يُحتذى به. وقد أنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المسيح الموعود عليه السلام سيقفو أثره ولا يخطئ، وهذا ما يتبين من سيرته المطهرة عليه السلام فقد اقتفى سيده رسول الله صلى الله عليه وسلم حذو النعل بالنعل، فبرزت أخلاقه السامية في مختلف المجالات كعدم الرغبة في الانتقام، والعدل مع الخصوم وعدم تحري الإساءة لهم، والشجاعة والثقة المطلقة بالله ونصره، ومقابلة السيئة بالحسنة والغيرة الدينية والشفقة على خلق الله والصبر والتوكل على الله وغيرها من الخصال...

الدليل السابع والعشرون: توسمُ أهلِ الله الخيرَ والصلاحَ فيه عليه السلام قبل بعثته
يتضح من آيات عديدة في القرآن الكريم أن كل مَن يُبعث مِن الله تعالى في أي عصر يكون محطّ الأنظار دائمًا حتى قبل دعواه، ويعترف الجميع أنه الوحيد الذي يمكن أن ينقذ القوم. فقد قال قوم صالح عليه السلام على سبيل المثال (يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا)... وهناك أمثلة عديدة لأولياء معروفين –مثل عبد الله الغزنوي و الصوفي أحمد جان اللدهيانوي والحكيم نور الدين البهيروي- الذين عقدوا آمالا على مرزا غلام أحمد قبل بعثته عليه السلام وتوسموا فيه خيرا ورأوا أن له شأنا وأنه مرجو القوم.

الدليل الثامن والعشرون: عظمة أعماله عليه السلام

إن التجديد الذي جاء به عليه السلام والكتب التي ألّفها قد غطّت مختلف جوانب الحياة، ولو نظرنا فيها نظرة فاحصة لتبيّن لنا استحالة أن تكون قد صدرت من متقوِّل، بل لا بد أن تكون قد صدرت من إنسان قد بلغ الذروة في الصدق والحرقة، وهي بالتالي دليل على أنه صادق فيما نسبه إلى الله تعالى.

الدليل التاسع والعشرون: استحالة البديل

لا يستطيع الآخرون أن يقدِّموا بديلا ممكنا لتفسير مختلف النبوءات القرآنية والحديثية. فمثلا كيف يفسرون أن المسيح ينـزل عند غلبة الصليب وقد مرّ هذا الوقت؟ وكيف يفسرون أن من علامات الساعة التي تحققت ترك القلاص فلا يسعى عليها؟ وكيف يفسرون الدجال وحماره ويأجوج ومأجوج بطريقة معقولة؟ كيف يجمعون بين ختم النبوة وبين نزول المسيح؟ وهناك مئات الأسئلة التي لا يقدرون على تقديم إجابة شافية عليها، لذا فهم مختلفون جدا جدا في هذه القضايا الكبيرة، حتى صار عدد منكريها يزدادون لما رأوا ضحالة وتناقضا في تناولها من قبل الفكر التقليدي. الفكر الأحمدي قوي ومتجذر في كل قضية، والخصوم عاجزون كليًّا أمامه. فليست قضيتنا قوية في جانب وضعيفة في جانب، بل إن الفكر الأحمدي ناصع في كل مجال، والفكر المخالف لا يستطيع أن يقدِّم بديلا في شيء، لا في الفكر السياسي ولا تفسير النبوءات، ولا في تفسير القرآن وقواعده، ولا في مكانة الحديث ولا في غير ذلك. 

الدليل الثلاثون: نزول الملائكة معه
الملائكة يؤثرون تأثيرا كبيرا في النهضة الدينية والدنيوية، فكلما بعث الله نبيا طرأ تحسن على حالة الناس الدينية والدنيوية كذلك، وهذا واقع مشاهد في زمن المسيح الأول عليه السلام والرسول صلى الله عليه وسلم والمسيح الموعود عليه السلام. وقد وضّح المسيح الموعود عليه السلام هذا الدليل فقال: "ما معنى نزول الملائكة؟ فليتضح أنه قد جرت سنة الله أنه كلما نـزل من السماء رسول أو نبي أو محدَّث لإصلاح خلق الله أنـزل معه ملائكةٌ حتما يلقون الهداية في القلوب المتحمسة ويرغِّبونهم في الحسنة ويظلون ينـزلون باستمرار ما لم تنمحِ ظلمة الكفر والضلال وينبلج صبح الإيمان والحق، كما يقول جلّ شأنه: تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ. ( سورة القدر )

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More